فصل: باب صلاة أهل الأعذار

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المطلع على أبواب المقنع ***


مقدمة المؤلف

رب يسر واختم بخير يا كريم

قال الشيخ الإمام العالم العامل شمس الدين أبو محمد، محمد بن أبي الفتح، بن أبي الفضل البعلي الحنبلي ـ رضى الله عنه ـ وأثابه الجنة‏:‏

الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبوِّىء قائلها دار الأمان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بأوضح حجة وأظهر برهان، ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى آله وأصحابه وأزواجه وتابعيهم بإحسان، ما اختلف الملوان، وتعاقب الجديدان‏.‏

أما بعد فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ ـ في كتاب «المقنع» ـ مشكلة ـ في الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ـ رضى الله عنه ـ تأليف الإمام أبي محمد عبد الله بن محمد المقدسي ـ وتقيدها لفظاً‏.‏

وقد تذكر ألفاظ تشكل على بعض المتبدئين دون غيرهم، وربّما ذكرت فيه إعراب بعض اللفظات التي قد يُغلظ فيها‏.‏

وهو مرتَّب على أبوابه، ولا نؤخر اللفظة من باب إلى آخر غالباً، إلا أن تكون مضافة إلى بعض الأبواب، فتذكر ثمَّ، كلفظة الغسل، والصلاة، والزكاة، والحج، والجهاد، ونحو ذلك، فتطلب في أول ذلك الباب‏.‏ وأخرت الكلام على أسماء الأعلام، فبدأت باسم النبي، ثم بالأنبياء عليهم السلام، ثم بالصحابة، ثم من بعدهم على حسب وفياتهم، ثم ختمت بالمصنف رحمه الله‏.‏ وعلى الله أعتمد، وإليه أتوجه وأستند، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏

«الحمد لله»‏.‏ الحمد‏:‏ هو الثناء على الله تعالى بجميل صفاته، وبينه وبين الشكر عموم وخصوص، فعمومه أنه يكون لمسدي النعمة ولغيره، وخصوصه بأنه لا يكون إلا باللسان، وعموم الشكر بأنه يكون بغير اللسان، وخصوصه بأنه لا يكون إلا لمسدي النعمة‏.‏ قال الشاعر‏:‏

أفارتكم النعماءُ *** يدي ولساني والضمير المحجَّبا

وقيل‏:‏ هما سواء‏.‏

«المحمود»‏:‏ يجوز رفعه ونصبه وجره، وهو الوجه وكذلك ما بعده من الصفات‏.‏

«الموجد خلقه على غير مثال»، أي‏:‏ مخلوقاته أنشأها من العدم على غير مثال، لكمال قدرته‏.‏

«وذرات الرمال»‏:‏ الذرات‏:‏ واحدتها ذرة، وهي صغرى النمل، ثم استعمل في الرمل تشبيهاً، ويجوز أن يكون جمع ذرة، وهي المرة من ذرٍّ بمعنى مذرورة‏.‏

«لا يعزب»‏:‏ بضم الزاي وكسرها، أي‏:‏ لا يبعد ولا يغيب‏.‏

«وصلى الله»‏:‏ الصلاة من الله تعالى‏:‏ الرحمة، ومن الملائكة‏:‏ الاستغفار، ومن الآدمي‏:‏ التضرع والدعاء‏.‏ وقال أبو العالية‏:‏ صلاة الله‏:‏ ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة‏:‏ الدعاء‏.‏

«وعلى سيدنا»‏:‏ السيد‏:‏ هو الذي يفوق في الخير قومه، قاله الزجاج، وقيل‏:‏ التقي‏.‏ وقيل‏:‏ الحليم‏.‏ وقيل‏:‏ الذي لا يغلبه غضبه، وجميع ذلك فيه‏.‏

«محمد»‏:‏ سمي محمداً لكثرة خصاله المحمودة، وهو علم منقول، من التحميد، مشتق من الحميد اسم الله تعالى‏.‏

وقد أشار إليه حسان بن ثابت ـ رضى الله عنه ـ بقوله‏:‏

وشقّ له من اسمه ليُجلَّه *** فذو العرش محمود وهذا محمد

«المصطفى»‏:‏ هو الخالص من الخلق، وهو خير الخلائق كافة‏.‏

«وآله»‏:‏ الصواب جواز إضافته إلى المضمر خلافاً لمن أنكر ذلك‏.‏ والآل‏:‏ يطلق بالاشتراك اللفظي على ثلاثة معان‏.‏ أحدها‏:‏ الجند والأتباع، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏آل فرعون‏}‏ أي‏:‏ أجناده، وأتباعه‏.‏ والثاني‏:‏ النفس، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏آل موسى وآل هارون‏}‏ بمعنى‏:‏ أنفسهما‏.‏ والثالث‏:‏ أهل البيت خاصة‏.‏ وآله‏:‏ أتباعه على دينه، وقيل‏:‏ بنو هاشم، وبنو المطلب، وهو اختيار الشافعي‏.‏ وقيل‏:‏ آله‏:‏ أهله، ولو قال في التشهد‏:‏ وعلى أهل محمد، أجزأ في أحد الوجهين‏.‏

«بالغدو والآصال»‏:‏ الغدو‏:‏ نفس الفعل‏.‏ تقول‏:‏ غداً غدوّاً، وعبَّر بالفعل عن الوقت، والمراد به الغدوات‏.‏ كما تقول‏:‏ آتيك طلوع الشمس، أي‏:‏ وقت طلوعها‏.‏

«والآصال»‏:‏ الآصال‏:‏ جمع أصلُ، والأصلُ، جمع أصيل، وهو ما بين العصر وغروب الشمس‏.‏

«وإيجازه» أي‏:‏ تقصيره، يقال‏:‏ أوجز في الكلام‏:‏ إذا قصَّره، فهو كلام موجَزٌ، وموجِزٌ، ووَجْزٌ، ووَجيز، كله عن الجوهري‏.‏

«وسطاً بين القصير والطويل» أي‏:‏ متوسطاً بينهما‏.‏ قال الواحدي‏:‏ الوسط‏:‏ اسم لما بين طرفي الشيء، وأما اللفظ به وبما أشبهه في لفظه، فقال المبرد محمد بن يزيد‏:‏ ما كان اسماً، فهو وسَطٌ مُحرَّك السين، كقولك‏:‏ وسَط رأسه صلبٌ، وما كان ظرفاً، فهو مسكَّن، كقولك‏:‏ وسَطَ رأسه دهن، أي‏:‏ في وسطه‏.‏ وقال ثعلب‏:‏ ما اتحدت أجزاؤه، ولم يتميز بعضه من بعض، فهو وسطٌ بتحريك السين، نحو‏:‏ وسطَ الدار، وما التقت أجزاؤه متجاورة، فهوَ وسط، كالعقد، وحلقة الناس‏.‏ وقال الفراء‏:‏ الوسَط المثقل‏:‏ اسمٌ، كقولك‏:‏ رأسٌ وسط، وربما خُففت، وليس بالوجه، وجلس وسْطَ القوم، ولا تقل‏:‏ وسَط، لأنه في معنى‏:‏ بين‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ كل موضع صلح فيه بين، فهو‏:‏ وسطٌ، وما لم يصلح فيه «بين»، فهو‏:‏ وسَطٌ بالتحريك‏.‏ وربما سكِن، وليس بالوجه‏.‏ قال الفراء‏:‏ قال يونس‏:‏ سمعت وسَط ووسْط‏.‏

«وحجمه»‏:‏ بمعنى‏:‏ ضخامته‏.‏

«وفهمه»بفتح الهاء وسكونها، لغتان، كفلسٍ وفرَسٍ‏.‏

كتاب الطهارة

«الكتاب» مصدرٌ سمِّي به المكتوب، كالخلق بمعنى المخلوق، يقال‏:‏ كتبت كتْباً وكتابةً، والكتبُ‏:‏ الجمع، يقال‏:‏ كتبت البغلة‏:‏ إذا جمعت بين شُفري حيائها بحلقة أو سير لئلا ينزى عليها‏.‏ قال سالم بن دارة‏:‏

لا تأمنَنَّ فزارياً خلوتَ به *** على قلُوصكَ واكتبها بأسيار

ومنه الكتيبة واحدة الكتائب، وهو العسكر المجتمع، تكتب‏:‏ تجمع، وقيل‏:‏ هي العسكر الذي يجتمعُ فيه جميع ما يحتاج إليه للحرب، ومنه‏:‏ كتبت الكتاب، أي‏:‏ جمعت فيه الحروف والمعاني المحتاج إليها، ومن «شرح الحماسة»‏.‏

وهو في الاصطلاح‏:‏ اسم لجنس من الأحكام ونحوها، تشتمل على أنواع مختلفة، كالطهارة مشتملة على المياه، والوضوء، والغسل، والتيمم، وإزالة النجاسة وغيرها، وهو خبر مبتدأ محذوف، أي‏:‏ هذا كتاب الطهارة، أي‏:‏ الجامع لأحكامها‏.‏

«الطهارة»‏:‏ هي في اللغة‏:‏ النزاهة والنظافة عن الأقذار، يقال‏:‏ طهُرَت المرأة من الحيض، والرَّجل من الذنوب، بفتح الهاء وضمِّها وكسرها‏.‏ وهي في الشرع‏:‏ رفع ما يمنع الصلاة وما في معناه من حدثٍ أو نجاسة بالماء، أو رفع حُكمه بالتُّراب‏.‏

باب المياه

أي‏:‏ هذا باب المياه، والباب معروف، وقد يطلق على الصنف، قال الجوهري‏:‏ وأبوابٌ مبوَّبة، كما يقال‏:‏ أصنافٌ مصنَّفة، والباب‏:‏ ما يدخل منه إلى المقصود، ويتوصل به إلى الإطلاع عليه‏.‏

«المياه»‏:‏ هو ما جمع ماء، وهمزته منقلبة عن هاء، فأصله موه، وجمعه في القلة‏:‏ أمواهٌ، وفي الكثرة‏:‏ مياهٌ، كجملٍ وأجمال وجمال، وهو اسم جنسٍ، وإنما جميع لكثرة أنواعه‏.‏

«طهورٌ»‏:‏ الطهور بفتح الطاء‏:‏ هو الطاهر في ذاته، المطهِّر غيره، كذا قال ثعلب، والطُّهور بالضم‏:‏ المصدر، وقد حكي فيهما الضم والفتح‏.‏

«بمكثه»‏:‏ يجوز فيه ضم الميم وكسرها وفتحها، وهو مصدر‏:‏ مكث بفتح الكاف وضمنها، أي‏:‏ أقام‏.‏

«كالطُّحلب»‏:‏ يجوز فيه ضم اللام وفتحها، وهو الأخضر الذي يخرج من أسفل الماء حتى يعلوه، ويقال له‏:‏ العَرْمض بفتح العين المهملة والميم، ويقال له أيضاً‏:‏ ثور الماء‏.‏

«كالعود»‏:‏ المراد العود القَماري، بفتح القاف، منسوب إلى قَمار، موضع ببلاد الهند‏.‏

«والكافور»‏:‏ هو المشهور من الطيب، قال ابن دريد‏:‏ أحسبُه ليس بعربي محض، تقولهم‏:‏ قفور، وقافور‏.‏ وقال أبو عمرو، والفراء الكافور‏:‏ الطلع‏.‏ وقال الأصمعي‏:‏ وعاء طلع النخل‏.‏ فعلى هذا يُطلق عليهما، والمراد بما ذكره الفقهاء‏:‏ المشموم، والمراد‏:‏ وقطع الكافور، فإن كان مسحوقاً، سلب طهوريته، لأنه يتغير بالمخالطة‏.‏

«يرفع الأحداث» الأحداث‏:‏ جمع حدث، وهو ما يوجب الضوء والغسل، أو كلاهما، أو بدلهما، قصداً واتفاقاً، كالحيض، والنفاس، والجنون، والمغمى عليه‏.‏

«ويزيل الأنجاس»‏:‏ الأنجاسُ‏:‏ جمعُ نَجَس بفتح الجيم وكسرها، وهو في اللغة‏:‏ المستقذر، يقال‏:‏ نَجس كعَلَم يَعْلَمُ، ينجُس، كشرُفُ يشرفُ، وهو في الاصطلاح‏:‏ كلُّ عين حرُمَ تناولها حالة الاختيار مع إمكانه، لا لحُرمتها، ولا لاستقذارها، ولا لضررها في بدن أو عقل‏.‏

فصل

«الفصل»‏:‏ هو الحجز بين الشيئين، ومنه فصل الرَّبيع، لأنَّه يحجز بين الشتاء والصيف، وهو في كتب العلم كذلك، لأنه يحجز بين أجناس المسائل وأنواعها‏.‏

«أو غمس يده» اليد، أصلها‏:‏ يدَيٌ، ولم تُبْنَ مع كونها على حرفين، لكون الثالث يعود إليها في التثنية والجمع، كقوله‏:‏ يديان بيضاوان عند محرق‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏غلت أيديهم‏}‏، ‏{‏وأيديكم إلى المرافق‏}‏ واليد حقيقة في اليد إلى المنكب، ثم تستعمل في غير ذلك بقرينة، ففي الوضوء خرج ما فوق المرفق بقوله‏:‏ ‏{‏إلى المرافق‏}‏ وفي السرقة إلى الكوع بقرينة قطعه من الكوع، وكذا هنا المراد‏:‏ إلى الكوع، فلو أدخل ما فوق ذلك في الماء، لم يؤثر فيه شيئاً، وإدخال بعض اليد كإدخال جميعها في وجه، ولها فروع لا يحتلمها هذا المختصر‏.‏

«بولاً أو عذرة»‏:‏ المراد بقول الآدميين وعذرتهم‏.‏

«قلتين»‏:‏ واحدتهما‏:‏ قُلَّة، وهي الجرّة، سميت بذلك لأنَّ الرجل العظيم يقلُّها بيديه، أي‏:‏ يرفعها‏.‏ يقال‏:‏ قلَّ الشيء وأقله‏:‏ إذا رفعه‏.‏

«خمسمائة رطل» الرطل‏:‏ الذي يوزن به، بكسر الرّاء، ويجوز فتحُها، حكاهما يعقوب عن الكسائي‏.‏ وللعلماء في مقدار الرطل العراقي ثلاثة أقوال‏.‏ أصحُّها‏:‏ أنه مائة درهمٍ، وثمانية وعشرونَ درهماً، وأربعة أسباع درهم‏.‏ والثاني‏:‏ مائة وثمانية وعشرون‏.‏ والثالث‏:‏ مائة وثلاثون‏.‏ فالفلتان إذن بالرطل الدمشقي على القول الأول وعلى الرواية الأولى التي هي الصحيحة‏:‏ مائة رطل وسبعة أرطال، وسُبُع رطل‏.‏ وعلى رواية أربعمائة، تكون القلتان خمسةً وثمانين رطلاً، وخمسة أباع رطلٍ‏.‏

«لم يتحرَّ»‏:‏ التحري‏:‏ طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب ظنّه، أي‏:‏ أحق‏.‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فأولئك تحروّا رشدا‏}‏ أي‏:‏ توخوا، وعمدوا‏.‏ كلُّه عن الجوهري‏.‏

«توضّأ من كل واحد»‏:‏ توضأ‏:‏ مهموزٌ، ويجوز ترك همزة، كلاهما عن الجوهري، قال شيخنا ابن مالك رحمه الله في نظمه «الأوجز»‏:‏ توَضّيتُ‏:‏ لغة في توضأتُ‏.‏

باب الآنية

وهي جمع إناء، كسقاءٍ وأسقيةٍ، وجمع الآنية‏:‏ الأواني‏.‏

«الجوهر»‏:‏ قال أبو منصور‏:‏ الجوهر‏:‏ فارسي معرّب، وهو الذي يخرج من البحر، وما يجري مجراه في النفاسة، كالياقوت والزَّبرجدَ، وواحدتُه‏:‏ جوهرة، عن الجوهري‏.‏

«إلا آنية الذهب والفضة»‏:‏ الذهب والفضة معروفان، وللذهب أسماء، منها‏:‏ النَّضر، بالنضير، والنُّضّار، والزِّبرج، والسِّيراء، والزخرف، والعَسْجد، والعِيقان، والتبر غير مضروب، وبعضهم يقولُه للفضة‏.‏ وللفضة أسماءٌ أيضاً، منها‏:‏ الفضة، واللجين، والنسيك، والغرَب، ويطلقان على الذهب أيضاً‏.‏

«والمضبب»‏:‏ هو الذي عمِل فيه ضَبَّةٌ، قال الجوهري‏:‏ هي حديدة عريضة يضبب بها الباب، يريد ـ والله أعلم ـ أنها في الأصل كذلك، ثم تستعمل من غير الحديد، في غير الباب‏.‏

«كالسراويل»‏:‏ يقال‏:‏ سروان، بالنون‏.‏ قال الأزهري‏:‏ وسمعت غير واحد من الأعراب يقول‏:‏ سروال، وقال أبو حاتم السجستاني‏:‏ وسمعت من الأعراب من يقول‏:‏ شروال، بالمعجمة وهو أعجميٌّ به المفرد، وينشد‏:‏

عليه من اللؤم سروالة *** وقيل‏:‏ إنه مصنوع لا حجة فيه‏.‏

«ولا يظهرُ جلدُ الميتة»‏:‏ قال الجوهري‏:‏ الموت ضدُّ الحياة، وقد ماتَ يموتُ ويماتُ، فهو ميتٌ وميِّتٌ، قال الشاعر فجمعها‏:‏

ليس مَنْ ماتَ فاستراح بميْت *** إنما الميتُ ميِّتُ الأحياءِ

والميتة‏:‏ ما لم تلحقها الذكاة، آخر كلامه‏.‏ وكذلك يقال‏:‏ ميْتة وميِّتة، والتخفيف أكثر‏.‏ قال الحافظ أبو الفرج‏:‏ وهي في الشرع‏:‏ اسم لكل حيوان خرجت روحه بغير ذكاةٍ، وقد يسمى المذبوح في بعض الأحوال ميتة حكماً، كذبيحة المرتد‏.‏

«بالدباغ»‏:‏ الدباغ مصدر دَبَغ الاهاب بدبغُه وبدبَغُه ويدُبغُه، دبْغاً ودِباغاً، ودِباغة‏.‏ والدّباغ أيضاً‏:‏ ما يدبغ به، يقال‏:‏ الجلد في الدباغ، وكذلك الدبغ والدِّبغة بكسرهما، كله عن الجوهري‏.‏

«وإنفحتها»‏:‏ قال الجوهري‏:‏ والانفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة‏.‏ كرش الحمل، أو الجدي ما لم يأكل، فإذا أكل فهو كرش، عن أبي زيد‏.‏ وكذلك المنفحة بكسر الميم‏.‏ قال الراجز‏:‏

كم قد أكلت كبِداً وإنفحة *** ثم ادَّخرت ألية مشرَّحة

هذا آخر ما ذكر‏.‏ وفيها لغة ثالثة‏:‏ كسر الهمزة مع تشديد الحاء، حكاها يعقوب، ولغة رابعة‏:‏ فتح الهمزة مع تشديد الحاء أيضاً، حكاها أبو عمر الزاهد في «شرح الفصيح» ونقل ابن طلحة الأشبيلي خامسة بفتح الهمزة، مخففاً، وسادسة منفتحة بفتح الميم‏.‏

«وظفوها»‏:‏ بضم الفاء سكونها‏.‏

«وشعرها»‏:‏ بفتح العين وسكونها عن يقول‏.‏

كتاب الاستنجاء

«الاستنجاء»‏:‏ إزالة النجو، وهو العذرة، عن الجوهري‏.‏ وأكثر ما يستعمل في الاستنجاء بالماء، وقد يستعمل في إزالتها بالحجارة‏.‏ وقيل‏:‏ هو من النجوة، وهي‏:‏ ما ارتفع من الأرض، كأنه يطلبها ليجلس تحتها، قاله ابن قتيبة‏.‏ وقيل‏:‏ لارتفاعهم وتجافيهم عن الأرض، وقيل‏:‏ من النجو، وهو القشر والإزالة، يقال‏:‏ نجوت العود‏:‏ إذا قشرته‏.‏ ونجوت الحلد من الشاة، وأنجيته‏:‏ إذا سلخته‏.‏ وقيل‏:‏ أصل الاستنجاء‏:‏ نزع الشيء من موضعه، وتخليصه، ومنه‏:‏ نجوت الرطب، واستنجيته‏:‏ إذا جنيته، وقيل‏:‏ هو من النجو، وهو القطع، يقال‏:‏ نجوت الشجرة وأنجيتها واستنجيتها‏:‏ إذا قطعتها، فكأنه قطع الأذى عنه باستعمال الماء‏.‏

«دخول الخلاء»‏:‏ الخلاء ممدوداً‏:‏ المكان الذي تقضي فيه الحاجة‏.‏ عن الجوهري، سُمي بذلك، لأنه يتخلى فيه، أي‏:‏ ينفرد‏:‏ وقال أبو عبيد‏:‏ يقال لموضع الغائط‏:‏ الخلاء، والمذهب، والمرفق، والمِرحاض‏.‏ ويقال له أيضاً‏:‏ الكنيف، للاستتار فيه، وكل ما ستر من بناء وعيره، فهو كنيف‏.‏

«الخبث والخبائث» الخبث‏:‏ بضم الخاء والباء، وهو جمع خبيث، كرغيف ورُغف، وهو مشكل من جهة أن فعيلا إذا كان صفة، لا يجمع على فُعُل، كنحو كريم، وبخيل‏.‏ وهو الذكر من الشياطين‏.‏ والخبائث‏:‏ جمع خبيّة، وهي الأنثى منهم، استعاذ من ذكران الشياطين وإناثهم، كذا فسّره غير واحدٍ من متأخري أهل الغريب‏.‏ ويروي‏:‏ الخُبث بسكون الباء، وحينئذ يحتمل أن يكون مخففاً منه، كقولهم في كتب ورُسُل‏:‏ كتبٌ ورُسْلٌ‏.‏ وقال أبو عبيد‏:‏ الخبثْ بسكون الباء‏:‏ الشر‏.‏ والخبائث‏:‏ الشياطين‏.‏ وقيل‏:‏ الخبث‏:‏ الكفر‏.‏ والخبائث‏:‏ الشياطين‏.‏ عن ابن الأنباري‏.‏

وقيل‏:‏ الخبث‏:‏ الشيطان‏.‏ والخبائث‏:‏ المعاصي‏.‏

«الرجس النجس»‏:‏ قال الجوهري‏:‏ الرجس‏:‏ القذر، والنجس‏:‏ اسم فاعل من نجس ينجس، فهو نجس، كفرح يفرح، فهو فرح‏.‏ قال الفراء‏:‏ إذا قالوه مع الرجس أتبعوه إياه، فقالوا‏:‏ رجس نجس، يعني‏:‏ بكسر النون، وسكون الجيم، وهو من عطف الخاص على العام، فإن الرجس النجس‏:‏ الشيطان الرجيم، قد دخل في الخبث والخبائث، لأن المراد بهم الشياطين، والله أعلم‏.‏

«غفرانك»‏:‏ منصوب، على أنه مفعول به، أي‏:‏ أسألك غفرانك، أي‏:‏ اغفر لي تقصيري في شكر ما أنعمت به عليَّ من الرزق ولدَّته وإساغته والانتفاع به، وتسهيل خروجه‏.‏ وقيل‏:‏ من ترك الذكر مدة التخلي‏.‏ ويجوز أن يكون منصوباً على المصدر، أي‏:‏ غفرانك‏.‏

«وإن كان في الفضاء»‏:‏ الفضاء‏:‏ هو الساحة، وما اتسع من الأرض، يقال‏:‏ أفضيت‏:‏ إذا خرجت إلى الفضاء، كله عن الجوهري‏.‏

«وارتاد مكاناً رخواً» أي‏:‏ طلب مكاناً دمثاً ليِّناً لئلا يرتدَّ عليه بوله‏.‏ و«رخواً»، بكسر الراء وفتحها، أي‏:‏ هشاً‏.‏

«في شق ولا سرب»‏:‏ الشق بفتح الشين‏:‏ واحد الشقوق، والسرب‏:‏ بفتح السين والراء، قال الجوهري‏:‏ بيت في الأرض‏.‏ يقال‏:‏ انسرب الوحش في سربه، والثعلب في حجره‏.‏‏.‏

«ولا طريق» الطريق‏:‏ السبيل‏:‏ تُذكِّر وتؤنث، وجمه أطرافه، وطرق، كله عن الجوهري‏.‏

«من أصل ذكره إلى رأسه»‏:‏ قال أبو عبد الله السامري‏:‏ هو الدرز الذي تحت الأنثيين من حلقة الدبر‏.‏

«ثم ينتره ثلاثاً»‏:‏ ثلاثاً‏:‏ عائد إلى مسحة ونترة، يمسحه ثلاثاً، وينتره ثلاثاً، صرح بذلك أبو الخطاب في «الهداية»‏.‏

«ثم يستجمو» قال الجوهري‏:‏ الاستجمار‏:‏ الاستنجاء بالأحجار، قال ابن الأنباري‏:‏ الجمار عند العرب‏:‏ الحجارة الصغار، وبه سُمِّيتْ جمار مكة‏.‏

ويجزئه أحدهما ونحو ذلك» كله بضمّ أوله، مهموز الآخر، أي‏:‏ يخرجه عن العهدة‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وأجزأني الشيء‏:‏ كفاني‏.‏

«فإن لم ينق بها» النقاء‏:‏ النظافة، يجوز ضم الياء، وكسر القاف، ويكون الضمير عائداً على المستجمر، ويجوز فتح الياء، وفتح القاف، ويكون الضمير عائداً على المحل، وهو من‏:‏ نقيَ بكسر القاف، ينقى بفتحها‏.‏ وقوله‏:‏ «زاد حتى ينقى»‏:‏ مثلُه‏.‏

«ويقطع على وتر» أي‏:‏ فردٍ، بفتح الواو وكسرها، لغتان مشهورتان، نقلهما الزجاج وغيره، والله أعلم‏.‏

باب السواك

السِّواك‏:‏ اسم للعود الذي يتسوك به، وكذلك المِسواك، بكسر الميم، قال ابن فارس‏:‏ سمي بذلك لكون الرجل يردِّده في فمه ويحركه، يقال‏:‏ جاءت الإبل هزلي تساوك‏:‏ إذا كانت أعناقها تضطرب من الهزال‏.‏ وذكر صاحب «الحكم» أن السِّواك يذكر ويؤنث، وجمعه‏:‏ سُوك، ككتابٍ وكتب، وذكر أنه يقال في جمعه‏:‏ سؤكٌ بالهمز‏.‏

«بعد الزوال» زوال الشمس‏:‏ ميلها عن كبد السماء‏.‏

«عند الصلاة» عند‏:‏ حيث جاءت ظرف غير متمكن، فلا تقول‏:‏ عندك واسع بالرفع وهو ظرف في الزمان والمكان‏.‏ تقول‏:‏ عندَ الليل، وعند الحائط‏.‏ وفيها ثلاث لغات‏:‏ كسر العين، وفتحها، وضمها‏.‏ وقد أدخلوا عليه من حروف الجر «من» وحدها، كما أدخلوها على «لَدُن»‏.‏ ولا يقال‏:‏ مضيتُ إلى عندك، ولا إلى لدنك‏.‏ جميع ذلك عن الجوهري‏.‏

«رائحة الفم»‏:‏ الفم معروف، وذكر شيخنا أبو عبد الله ابن مالك فيه تسع لغات‏:‏ فتح الفاء وضمها وكسرها مع تخفيف الميم، والرابعة والخامسة فتحها وضمها مع تشديد الميم، والسادسة والسابعة والثامنة فمىً مقصوراً بفتح الميم وضمها وكسرها، والتاسعة فم بالنقص واتباع الفاء الميم في الحركات الإعرابية‏.‏ تقول‏:‏ هذا فمه، ورأيت فمه، ونظرت إلى فمه‏.‏ ونظير ذلك في الاتباع‏:‏ «امرؤ» «وابنم»‏.‏ وحكى ابن الأعرابي في تثنية «فمىً» فموان وفميان‏.‏ وحكي اللحياني أنه يقال‏:‏ فمّ ـ بالتشديد أفمام، فعلم بهذا النقل أن التشديد لغة صحيحة لثبوت الجمع على وقفها، فثبت أن للفم أربع مواد، أحدها‏:‏ «ف م ي»، والثانية‏:‏ «ف م و»، والثالثة‏:‏ «ف م م»، والرابعة‏:‏ «ف و ه»‏.‏

«فإن امتاك بأصبعه»‏:‏ الأصبع معروفة، تذكر وتؤنث، وذكر شيخنا رحمه الله فيها عشر لغاتٍ‏:‏ فتح الهمزة مع فتح الباء وضمها وكسرها، وضم الهمزة مع ضم الباء، وفتحها، وكسرها‏.‏ وكسر الهمزة مع فتح الباء، وضمها، وكسرها‏.‏ والعاشرة‏:‏ أصبوع، بضم الهمزة والباء، وبعدها واوٌ‏.‏

«ويستاك عرضاً»‏:‏ معنى استياكه عرضاً‏:‏ أن يستاك من ثناياه إلى أضراسه، وذلك عرض بالنسبة إلى الإنسان، وطولٌ بالنسبة إلى شق الفم‏.‏

«ويدهن غِبّاً»، أي‏:‏ يدهن يوماً ويدع يوماً‏.‏ مأخوذ من غبِّ الإبل‏.‏ قال الجوهري‏:‏ هو أن ترد الماء يوماً وتدعه يوماً‏.‏ وأما الغبُّ في الزيارة، فقال الحسين‏:‏ في كل أسبوع‏.‏ يقال‏:‏ «زُرْ غِبّاً تزددْ حُباً»‏.‏

«ويكتحل وتراً»‏:‏ بكسر الواو وفتحها كما تقدم، ومعنى الوتر‏:‏ أن يكتحل ثلاثاً في كل عين‏.‏ وقيل‏:‏ ثلاث في اليمين، وثنتان في اليسرى، وذكرهما المصنف في «المغني»‏.‏

«ويجب الختان»‏:‏ وهو في حق الرجل‏:‏ قطع جلدة غاشية الحشفة، وهي في حق المرأة‏:‏ قطع بعض جلدةٍ عاليةٍ مشرفة على الفرج، ولا يجب على النساء في أصح الروايتين‏.‏

«ويكره القزع» بفتح القاف والزاي‏:‏ أخذ بعض شعر الرأس، وتركُ بعضه، نصّ على ذلك ابن سيدة في «المحكم»‏.‏ وكذ فسَّره الإمام أحمد في رواية بكر ابن محمد عن أبيه‏.‏

«ودخوله المسجد»، المسجد بكسر الجيم وفتحها‏:‏ المكان المتخذ للصلاة‏.‏ حكاهما الجوهري وغيره‏.‏ وقال أبو حفصٍ الصقلي‏:‏ ويقال‏:‏ مسيد بفتح الميم حكاه غير واحد‏.‏

«مع الذكر»‏:‏ قال الإمام أبو عبد الله ابن مالك في «مثلثه»‏:‏ الذكر بالقلب، يضَم ويكسر، يعني‏:‏ في الذال‏.‏

«والبداءة بالمضمضة»‏:‏ البداءة بالشيء‏:‏ تقديمه على غيره، وفيها أربع لغات‏:‏ بدأة، كمرأة، وبُدأة، كجرأة، وبُدُؤءَة، كمروءة، وبُداءة، كملاءة، وذكر الأربع الجوهري وغيره، ولم أرَ أحداً ذكر البداية بكسر الباء وترك الهمز، لكن على قياس قول من قال‏:‏ بديت بغير همز، تقول‏:‏ بداية بغير همز، حكاها الجوهري‏.‏

«بالمضمضة والاستنشاق» قال الجوهري‏:‏ المضمضمة‏:‏ تحريك الماء في الفم، والاستنشاق‏:‏ إدخالُ الماءِ وغيره في الأنف‏.‏

«والمبالغة فيهما» المبالغة في المضمضة‏:‏ إدارة الماء في أقاصي الفم، ولا تجعله وجَوراً‏.‏ والمبالغة في الاستنشاق‏:‏ اجتذابُ الماء بالنَّفَسِ إلى أقصى الأنف، ولا تجعله سَعُوطاً‏.‏

«وتخليل اللحية والأصابع» التخليل‏:‏ تفريق الشعر وأصابع اليدين والرجلين، وأصله‏:‏ من إدخال الشيء في خلال الشيء هو وسطه‏.‏ «واللَّحية» بكسر اللام، هذه المعروفة، وجمعها‏:‏ لِحىً ولُحى، بكسر اللام وضمها حكاهما الجوهري‏.‏

«التيامن» التيامن‏:‏ من البداءة بالأيمن من جانب الفم في السّواك، وغسل اليمنى قبل اليسرى من اليد والرجل ونحو ذلك والله أعلم‏.‏

باب فرض الوضوء وصفته

الفرض في اللغة‏:‏ ومنه‏:‏ فرضةُ القوس والسهم‏.‏

وفي الشرع‏:‏ ما كان فعله راجحاً على تركه مع المنع من تركه مطلقاً، وقيل‏:‏ ما تُوعّد بالعقاب على تركه، وقيل‏:‏ ما يعاقب تاركه، وقيل‏:‏ ما يذم تاركه شرعاً، وقيل‏:‏ ما وُعد على فعله بالثواب، وعلى تركه بالعقاب‏.‏

والفرض‏:‏ هو الواجب في ظاهر المذهب‏.‏ وعنه‏:‏ الفرض آكد من الواجب، فقيل‏:‏ هو اسم لما يقطع بوجوبه، وقيل‏:‏ ما لا يسامح في تركه عمداً، ولا سهواً، نحو أركان الصلاة‏.‏ وعنه‏:‏ الفرض ما ثبت بقرآن، ولا يسمى ما ثبت بالسنة‏:‏ فرضاً، حكاها ابن عقيل‏.‏

والوضوء بضم الواو‏:‏ الفعل، وبفتحها‏:‏ الماء المتوضأ به، هذا هو المشهور، وحكي الفتح في الفعل، والضم في الماء، وهو في اللغة‏:‏ عبارة عن النظافة والحسن، وفي الشرع‏:‏ عبارة عن الأفعال المعروفة‏.‏

«غسل عضو»‏:‏ عُضِو‏:‏ بضم العين وكسرها، عين يعقوب، وغيره واحد الأعضاء‏.‏

الحدث كلها» الحدث‏:‏ هنا المراد به الأحداث، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الإنسان لفي خسر‏}‏‏.‏ أي‏:‏ كل الإنسان، ولذلك صح توكيدها بـ«كلها»‏.‏

«فهل يرتفع سائرها» أي‏:‏ باقيها، والأكثر في سائر الشيء أن يكون بمعنى باقيه، وقد يستعمل سائره بمعنى جميعه‏.‏ وسارُ الشيء‏:‏ لغة في سائره، حكاها الجوهري‏.‏

«وإن استُصحِبَ حكمُها أجزأه» استصحابُها حكماً‏:‏ هو أن ينوي في أول العبادة، ثم لا يقطعها إلى آخرها‏.‏

«من غرفة» الغرفة بفتح العين‏:‏ الفِعلة، وبضم الغين‏:‏ المغروف، ويحسن الأمران هنا‏.‏

«شعر الرأس» بفتح العين وسكونها، عن يعقوب‏.‏

«إلى ما انحدر من اللحيين» هما تثنية لَحْيٍ بفتح اللام وكسرها، عن عياض‏:‏ قال الجوهري‏:‏ هو منبت اللحية من الإنسان وغيره، وجمعه في القلة‏:‏ ألحٍ، وفي الكثرة لُحيٌ ولِحيٌ بضم اللام وكسرها، عن يعقوب‏.‏ واللحية‏:‏ الشعر النابت على اللّحي، وبه سميت، والجمع لُحي بالكسر والضم، والذَّقَنُ بفتح الذال المعجمة والقاف‏.‏ قال الجوهري‏:‏ هو مَجْمَع اللَّحيين‏.‏

«ومن الأذن إلى الأذن» الأذن بضم الهمزة مع ضم الذال وسكونها‏:‏ العضو المعروف، كعُسُر وعُسْر، وهي مؤنثة، كله عن الجوهري‏.‏

«يصف البشرة» البشَرَةُ والبَشَرُ‏:‏ ظاهر جلد الإنسان‏.‏ عن الجوهري‏.‏

«إلى المرفقين» المرفقان‏:‏ تثنية مرفق، بكسر اليم وفتح الفاء، وبفتح الميم وكسر الفاء وبفتح الميم والفاء‏.‏

«إلى قفاه» القفا‏:‏ مقصور، يذكر ويؤنث، وله جموع ستة، نظمها شيخنا ابن مالك في قوله‏:‏

جمع القفا أقفٍ وأقفا أقفِيَهْ

مَعَ القِفي قفين واختم بِقْعي

«ولا يستحب تكراره» بفتح التاء وكسرها‏.‏

«إلى الكعبين» قال الجوهري‏:‏ الكعب‏:‏ العظم الناشز عند ملتقى الساق والقدم، وأنكر الأصمعي قول الناس‏:‏ إنه في ظهر القدم‏.‏

كتاب مسح الخفين

«والجرموقين» واحدهما جُرمُوق، بضم الجيم والميم‏:‏ نوع من الخفاف، قال الجوهري‏:‏ الجرمُوق‏:‏ الذي يُلبَسُ فوق الخفِّ، وقال ابن سيدَه‏:‏ هو خف صغير، وهو معرَّب وكذا كل كلمة فيها جيم وقاف، قاله غير واحد من أهل اللغة‏.‏

«والجوربين» واحدها جورب، وهو أعجمي معرّب، جمعه جوارب وجواربه‏.‏

«والجبائر» قال ابن سيده‏:‏ واحدتها‏:‏ جبيرة وجبارة، بكسر جيم الثانية، وهي أخشاب أو نحوها، تربط على الكسر ونحوه‏.‏

«وفي المسح على القلانس» واحدها قلَنْسُوة، وفيها ست لغات‏:‏ قَلَنْسُوَة، وقَلْسُوَة، وقَلُساة، وقُلَنْسِيَة، وقَلَنْساة، وقلنسية‏.‏ غير أنَّ جمع قُلنَسْيِه وقَلَنسَاه‏:‏ قلانس‏.‏

«خُمر النساء» واحدتها خِمار بكسر الخاء، وهو ما تُغطي به المرأة رأسها، وكل ما ستر شيئاً فهو خمار‏.‏

«تلبس» بفتح الباء، مضارع لَبِس بكسرها‏.‏ قال ابن درستويه‏:‏ هو عام في كل شيء من اللباس وغيره، ولَبَس الأمر عليه‏:‏ عكسه، بفتح الباء في الماضي، وكسرها في المضارع، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولَلَبَسناه عليهم ما يَلْبِسون‏}‏‏.‏

«شدّ لفائف» واحدتها‏:‏ لِفاقة، وهي‏:‏ ما يُلفُّ على الرِّجل من خرقٍ وغيرها‏.‏

«دون أسفله وعقبه» العَقِب بفتح العين مع كسر القاف وسكونها‏:‏ مؤخر القدم وهي مؤنثة‏.‏

«إذا كانت محنكة» المحنَّكة‏:‏ التي أدير بعضها تحت الحنك، قال الجوهري‏:‏ الحَنَك‏:‏ ما تحت الذَّقَن من الإنسان وغيره‏.‏

«ذات ذؤابة» بضم الذال بعدها همزة مفتوحة‏.‏ قال الجوهري‏:‏ الذؤابة من الشعر، والمراد هنا‏:‏ طرف العمامة المرخيّ، سُمي ذُؤابةً مجازاً‏.‏ والله أعلم‏.‏

باب نواقص الوضوء

«من السبيلين» واحدهما‏:‏ سبيل، وهو الطريق، يذكر ويؤنث، والمراد هنا‏:‏ مخرج البول والغائط‏.‏

«فإن كانت غائطاً أو بولاً» الغائط هنا‏:‏ المراد به العَذرة، وهو في الأصل‏:‏ المطمئنُ من الأرض، كانوا يتناوبون للحاجة، فكنوا به عن نفس الحدث الخارج، كراهة لذكره باسمه الصريح‏.‏

«فَحُشَ في النفس» فحش‏:‏ بضم الحاء وفتحها، وأفحش، أي‏:‏ قبح‏.‏

«زوال العقل» قال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي‏:‏ قال قوم‏:‏ العقل ضرب من العلوم الضرورية، وقيل‏:‏ جوهر بسيط، وقيل‏:‏ جسم شفاف، وقال الحارث المحاسبي‏:‏ هو نور، وبه قال أبو الحسن التميمي، وروى الحربي عن أحمد أنه غريزية، والتحقيق أن يقال‏:‏ إنه غريزية كأنها نور يُقذف في القلب، فيستعد لإدراك الأشياء، فيعلم جواز الجائزات، واستحالة المستحيلات، ويتلوَّح عواقب الأمور، وذلك النور بقلّ ويكثر، فإذا قوي قَمَعَ ملاحظة عاجل الهوى‏.‏ وأكثر أصحابنا يقولون‏:‏ محله القلب، وهو مروي عن الشافعي، ونقل الفضل بن زياد عن أحمد‏:‏ أن محله الدماغ، وهو اختيار أصحاب أبي حنيفة، وهو رواية عن أحمد‏.‏

«يبطن كفه أو بظهره» الكف‏:‏ مؤنثة، وسميت كفاً، لأنها تكف عن اليد الأذى، وكان حقه أن يقول‏:‏ أو بظهرها، لكن يصح ذلك على تأويل الكف بالعضو، ونظيره قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي‏}‏‏.‏ أي هذا الطالع‏.‏

«بذراعه» الذراع‏:‏ يذكر ويؤنث، والتأنيث اختيار سيبويه، وهو في اللغة، من طرف المرفق إلى طرف الأصبع، والمراد به ـ والله أعلم ـ هنا‏:‏ ما عدا الكف من اليد إلى المرفق‏.‏

«الدُّبر» معروف بضم الدال، وضم الباء وسكونها، كعُسُر وعُسُر‏.‏

«والسن» السِّن‏:‏ مؤنثة تصغيرها‏:‏ سنينة، وجمعها أسنان، وجمع الأسنان‏:‏ أسنَّة، كقولهم‏:‏ قِنَّ وأقنَان وأقِنَّة، كلها عن الجوهري‏.‏

غسل الميِّت» مشدد ومخفف، قاله الجوهري، وأنشد‏:‏

ليس مَنْ ماتَ فاستراح بميْتٍإنما الميْت ميِّتُ الأحياء

ويستوي فيه الذكر والمؤنث‏.‏

«لحم الجزور» الجزور‏:‏ يقع على الذكر والأنثى من الإبل، وجمعهُ جزُر‏.‏

«لحم الجزور» الجزور‏:‏ يقع على الذكر والأنثى من الإبل، وجمعهُ جزُر‏.‏

«من كبدها» الكبد معروفة‏:‏ وهي مؤنثة، وفيها ثلاث لغات، كَبِدٌ وكِبْدٌ، مثل كَذِبٌ وكِذْب، وكَبْد كفخذ، حكاها الجوهري‏.‏

«والردة عن الإسلام» الردة‏:‏ الإتيان بما يخرج به عن الإسلام، إما نطقاً، وإما اعتقاداً، وإما شكاً، كذا ذكره المصنّف في «المغني» وقد يحصل بالفعل‏.‏

«ومن تيقن الطّهارة» قال المصنف رحمه الله في مقدمة «الروضة»‏:‏ اليقين‏:‏ ما أذعنت النفس للتصديق به، وقطعت به، وقطعتْ بأن قطعها صحيح‏.‏

«وشك في الحدث» الشك لغة‏:‏ التردد بين وجود شيءٍ وعدمه‏.‏ قال ابن فارس والجوهري وغيرهما‏:‏ الشك خلاف اليقين‏.‏ وكذا هو في كتب الفقهاء‏.‏ وعند الأصوليين‏:‏ إن تساوى الاحتمالان، فهو شك؛ وإلاّ فالراجع ظن، والمرجوح وَهمٌ‏.‏

«ومن المصحف» المْصحف‏:‏ معلوم، بضم لميم، وفتحها وكسرها‏:‏ حكى اللغات الإمام أبو عبد الله بن مالك في «مثله»‏.‏

باب الغسل

قال الجوهري‏:‏ غسلت الشيء غسلاً بالفتح، والاسم الغُسل بالضم‏:‏ ويقال‏:‏ غسلٌ‏:‏ كَعُسُر وعسْرٌ‏.‏ قال الإمام أبو عبد الله بن مالك في «مثله»‏:‏ والغُسل، يعني بالضم‏:‏ الاغتسال، والماء الذي يغتسل به‏.‏ وقال القاضي عياض‏:‏ الغَسل بالفتح‏:‏ الماء، وبالضم‏:‏ الفعل‏.‏ قال الجوهري‏:‏ والغِسل بالكسر‏:‏ ما يغسل به الرأس من خِطميٍّ وغيره‏.‏

«خروج المنيّ» المنيّ بتشديد الياء عن الجوهري وغيره، وبها جحاء القرآن، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏مِنْ منيٍّ يُمْنَى‏}‏‏.‏ وحكي تخفيفُ الياء، سمي بذلك، لأنه يمنى‏:‏ أي‏:‏ يصب، وسميت «منىً» منًى، لما يراق بها من دماء الهدي‏.‏ ويقال‏:‏ مَنى وأمنى، وبالثانية جاء القرآن‏:‏ ‏{‏أفَرأيتم ما تُمنونَ‏}‏‏.‏ وهو من الرجل في حال صحته‏:‏ ماء غليظ أبيض، يخرج عند اشتداد الشهوة، يتلذذ عند خروجه، ويعقب خروجه فتور‏.‏ ورائحته كرائحة طلع النخل يقرب من رائحة العجين، ومن المرأة ماء رقيق أصفر‏.‏

«وإن أحسَّ بانتقاله» ياقل‏:‏ حسْتُ بالشيء، وأحسستُ به، وحسّيتُ به وأحسَيْت به، بإبدال السين ياءً بمعنى تيقنه؛ كله عن الجوهري‏.‏

«فأمسك ذكره» المشهور أمسك، ومَسَك‏:‏ لغة قليلة‏.‏ قال البغوي في «شرح السنة» في باب غسل الحيض له‏:‏ تقول العرب‏:‏ مسكت كذا بمعنى أمسكته‏.‏

«التقاء الختانين» الخِتانان تثنية‏:‏ خِتان، وهو موضع قطع جلدة القُلْفة، ومن المرأة‏:‏ مقطع نواتها؛ كذا فسره الأزهري‏.‏ ويقال لقطعهما‏:‏ الأعذااء، والحَفص‏.‏ قاله ابن الأثير في «نهايته» وقال الجوهري‏:‏‏:‏ ختنتُ الغلام ختناً، والاسم الخِتان والخِتانة، والختان‏:‏ موضع القطع من الذكر، ومنه‏:‏ «إذا التقى الختانان»؛ وخفضتُ الجارية، مثل‏:‏ خَتنْتُ الغلام، ويقال‏:‏ عَذَرْتُ الجارية والغلام عَذْراً‏:‏ ختنتُهما، وكذلك أعذرتهما، والأكثر‏:‏ خفَضْتُ الجارية؛ هذا آخر كلامه مفرقاً في أبوابه‏.‏ وحاصله أن الختان مخصوص بالذكر، والخفض بالإناث، والأعذار مشترك بينهما‏.‏ والمراد من التقاء الختانين‏:‏ تغييب الحشفة في الفرج، فلو مسّ الخِتانُ الختانَ، وحصلت حقبقة الالتقاء من غير إيلاك وإنزال، فلا غسل على واحد منهما بالاتفاق‏.‏

«تغييب الحشفة» الحشَفة‏:‏ ما تحت الجلد المقطوعة من الذكر في الختان‏.‏ «قُبلاً كان أو دبراً» قبلاً بضم القاف والباء، ويجوز سكون الباء، كعُسُرٍ وعسْرٍ، وكذلك الدُّبْر، وقد تقدم‏.‏

«إسلام الكافر أصلياً أو مرتداً» أصلياً ومرتداً‏:‏ منصوبان، هكذا بخط المصنف رحمه الله بغير «كان»، وفي كثير من النسخ‏:‏ أصلياً كان، أو مرتداً، وذكر «كان» غلط، لأنها ليست بخطه رحمه الله، لكنه منصوب بها مُقنرة، وذلك جائز عند الكوفيين‏.‏ حكاه أبو البقاء‏.‏ وعليه، على بعض الأقوال خرَّج قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فآمنوا خيراً لكم‏}‏‏.‏ أي‏:‏ يكن الإيمان خيراً، ويحتمل أن يكون منصوباً على الحال‏.‏

«فصاعداً» حيث ورد، منصوب على الحال، وعامله محذوف، أي‏:‏ قراءة آية، فأخذ صاعداً‏.‏

«ويحرم عليه اللَّبث» اللَّبْثُ، واللَّباث بفتح اللام‏:‏ المكث وحكى القاضي عياض‏:‏ ضمَّها، والباء ساكنة فيهما، وقياسها الفتح؛ ولم تفتح إلا في الضرورة‏.‏

وغسل المستحاضة» المستحاضة‏:‏ المرأة التي استمر بها الدم بعد أيامها، يقال‏:‏ استحيضت المرأةُ فهي مستحاضة، كلها عن الجوهري‏.‏

«والوقوف بعرفة» عَرَفَة‏:‏ اسم لموضع الموقوف، وهي أرضٌ واسعة، سميت بذلك، لأن آدم عرف حواء فيها، وقيل‏:‏ لأن جبريل عَرَّفَ إبراهيم عليهما السلام فيهما مناسك الحج‏.‏ ذكرهما الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي‏.‏ وعرفات‏:‏ جمع عرفة، وصحَّ جمعهُ، لأن كل موضع يُسمَّى عرفة، ففي اللفظ بعرفات ثلاثة أوجهٍ؛ أحدها‏:‏ كسر التاء مع التنوين، الثاني‏:‏ كسرها بلا تنوين‏.‏ الثالث‏:‏ فتحها بلا تنووين كغير المنصرف‏.‏ قال الزجّاج‏:‏ عرفات اسم لمكان واحد، ولفظه لفظ الجمع، والوجه فيه الصرف عند جميع النحويين‏.‏

«والمبيت بمُزدلفة» مُزدلفة‏:‏ موضع بمكة‏.‏ ورمي الجمار والطواف‏:‏ يذكران في الحج إن شاء الله تعالى‏.‏

«بعشرة أشياء‏:‏ النية» من الواحد إلى آخر العشر؛ الوجه‏:‏ الجر فيها كلها على البدل، ويجوز الرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف‏.‏

«ويحثي» يقال‏:‏ حثوتُ أحثو حثواً، وحثيت أحثي حثياً، حكاهما الجوهري وغيره‏.‏

«ويتوضأ بالمُدّ، ويغتسل بالصاع» المُدُّ‏:‏ مكيال، وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز؛ ورطلان عند أهل العراق‏.‏ والصاع‏:‏ أربعة أمدادٍ، هذا كلّه كلام الجوهري‏.‏ وقد تقدم الكلام في مقدار الرطل العراقي بما أغنى عن إعادته‏.‏

«وإن أسبغ دونهما» إسباغ الوضوء‏:‏ إتمامه‏.‏ قاله الجوهري‏.‏

«ويستحب للجنب» الجُنُب بضم الجيم والنون‏:‏ هو من أصابته الجنابةُ فصار جُنُباً بجماعً أو إنزال، يقال‏:‏ جَنُبَ، وأجنب فهو مُجنب‏.‏ وفي تسميته بذلك وجهان‏.‏ حكاهما ابن فارس‏.‏ أحدهما‏:‏ لبعده عما كان مباحاً له؛ والثاني‏:‏ لمخالطته أهله‏.‏ قال‏:‏ ومعلوم من كلام العرب أن يقولوا للرجل إذا خالط امرأته‏:‏ قد أجْنبَ، وإن لم يكن منه إنزال‏.‏ وعزا ذلك إلى الشافعي‏.‏ ويقال‏:‏ جُنُب للمذكر والمؤنث، والمثنى والمجموع، قال الجوهري‏:‏ وقد يقال‏:‏ أجناب وجُنُبُون‏.‏ وفي «صحيح مسلم» من كلام عائشة ـ رضى الله عنه ـ ا‏:‏ «ونحن جُنُبان»‏.‏

«أو الوطء» الوطء مهموز، قال الجوهري‏:‏ وطِئْت الشيء برجلي وطءاً، ووطىءَ الرجُلُ امرأته يطأ فيهما‏.‏

باب التيمم

التيمم في اللغة‏:‏ القصد، قال الجوهري‏:‏ وتيممتُ الصعيد للصلاة وأصله‏:‏ التعمُّد والتوخّي‏.‏ وقال ابن السكيت‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فتيمموا صعيداً طيّباً‏}‏‏.‏ أي‏:‏ اقصدوا لصعيدٍ طيّبٍ‏.‏ قال المصنف رحمه الله‏:‏ ثم نقل عن عرف الفقهاء إلى مسح الوجه واليدين بشيء من الصّعيد‏.‏

«وهو بدل» يقال‏:‏ بدَلٌ وبِدْل، كمَثَلٍ ومِثلٍ، وشَبَهٍ وشِبْهٍ، ونكَلٍ ونِكْلٍ، قال أبو عبيد‏:‏ لم يسمع في فَعَلٍ، وفِعْلٍ غير هذه الأربعة الأحرف‏.‏ كله عن الجوهري‏.‏ وزاد يعقوب‏:‏ عِشْقٌ وعَشَقٌ، وحِرْجٌ وحَرَجٌ، وضِغْنٌ وضغَنٌ‏.‏

«لفرض ولا لنفل» تقدم ذكر الفرض، وأما النَّفل‏:‏ فقال الجوهري‏:‏ النَّفْل والنَّافلة‏:‏ عَطِيْةٌ التَّطوُّعِ من حيث لا تجِبُ، ومنه ناقلة الصلاة‏.‏

وأي ثمنٍ يعجِزُ عن أدائه» الأصح في يَعجِزُ كسرُ الجيم، ويجوز فتحها؛ حكي عن الأصمعي‏:‏ عَجَزتُ بفتح الجيم أعجِزُ، وعجِزتُ بكسرها أعجَزُ بفتحها؛ وكاهما أبو حاتم عن أبي زيد، وقال‏:‏ إنها لغة رديئة؛ وحكاها القزّاز في «الجامع»، وابن القطّاع ويعقوب في «فَعَل وأفعلَ» وغيرهم، والعجز في كلام العرب‏:‏ أن لا يقدر على ما يريده‏.‏

«يكفي بعضَ بدنه» وهو بفتح ياء «يكفي» لا غير، وليس لضمها وجه‏.‏

«لزمه طلبه في رحله» رحل الرجل‏:‏ مسكنه وما يستصحبه من الأثاث، قاله الجوهري‏.‏

«صلى على حسب» حَسَب بفتح الحاء والسين، أي‏:‏ على قدر حاله، قاله الجوهري‏.‏

«إلا بتراب» قال الجوهري‏:‏ التراب فيه لغات، تُرابٌ وتَوْرابٌ وتوْربٌ وتَيْرَبٌ وتُرْبٌ وتُرْبَةٌ وتَرباء، وتَيْرابٌ، وتِرْيبٌ، وتَرِيبٌ، وجمع التراب‏:‏ أتربةٌ وتربانٌ‏.‏

«ذو غبار لا يجوز التيمم به كالجص» ذو‏:‏ بمعنى صاحب، وهو صفة المحذوف، أي‏:‏ شيء ذو غبار، أو جامد ذو غُبار، ويقال‏:‏ غُبار غبَرَة بمعنى واحد‏.‏ والجصُّ‏:‏ بفتح الجيم وكسرها‏:‏ ما يبنى به، وهو معرّبٌ، كلّه عن الجوهري، وقال أبو منصور اللغوي‏:‏ والجِص معروف، وليس بعربي صحيح‏.‏

«إلى كوعيه» واحدهما كوع، بضم الكاف، ويقال فيه‏:‏ كاع أيضاً، وهو طرف الزَّنَد الذي يلي أصل الإبهام، وطرفه الذي يلي الخِنْصر‏:‏ كرُسوع، بضم الكاف‏.‏ ويقال للمفصل‏:‏ رُسْغٌ، ورُصْغ‏.‏

«وكفيه براحتيه» واحدتها راحة، وهي بطن اليد، وقيل‏:‏ هي اليد كلها، وجمعها راحات وراح‏.‏ ذكره صاحب «المحكم»‏.‏

«إبهام اليمنى» قال الجوهري‏:‏ الإبهام‏:‏ الإصبع العظمى، وهي مؤنثة، وحكي تذكيرها، كما ذكره النووي في «تحرير التنبيه» والجمع أباهيم وأباهم أيضاً، حكاه الجوهري‏.‏

«في مصر» قال الجوهري‏:‏ المصر واحد الأمصار‏.‏ والمِصْران‏:‏ البصرة والكوفة، ومصر هي المدينة المعروفة تذكّر وتؤنث، عن ابن السراج‏.‏

باب إزالة النجاسة

الإزالة‏:‏ التنحية، يقال‏:‏ أزلت الشيء إزالة، وزلته زيالاً بمعنى‏.‏

«نجاسة الكلب والخنزير» الخنزير بكسر الخاء‏:‏ الحيوان المعروف، ونونه أصلية، وعند الجوهري زائدة‏.‏

«فإن جعل مكانه أشناناً» قال أبو منصور اللغوي‏:‏ الاشنان فارسي معرّب، قال أبو عبيدة‏:‏ فيه لغتان، ضم الهمزة وكسرها، وهو الخُرُصُ بالعربية وهمزته أصل ووعاؤه‏:‏ المحر بضم الميم والراء كالمكحلة وهي أحد ما جاء من الآلة بالضم ولم يذكره ثعلب‏.‏

«بالاستحالة إلا الخمرة» الاستحالة‏:‏ استفعال من حال الشيء عما كان عليه‏:‏ زال، وذلك مثل أن تصير العين النجسة رماداً، أو غير ذلك‏.‏ أما الخمرة قال الجوهري‏:‏ خَمْرة وخَمْر وخُمور، كتمرة وتمرٍ وتمور‏.‏ والخمر، تؤنث وتذكر‏.‏ قال ابن الأعرابي‏:‏ سميت بذلك، لأنها تُركت فاختمرت واختمارها تغير ريحها‏.‏ وقيل‏:‏ لمخامرتها العقل‏.‏ ويجوز فيها هنا الرفع والنصب، والرفع أفصح‏.‏

ما يتأتَّى» قال الجوهري‏:‏ وتأتّى له الشيء، أي‏:‏ تهيأ، وهو تفعل من‏:‏ أبي يأتي‏.‏

«بول الغلام» قال القاضي عياض‏:‏ الغلام يطلق على الصبي من حين يولد في جميع حالاته إلى أن يبلغ‏.‏ قال الواحدي‏:‏ أصله من الغُلمة والاغتلام، وهو شدة طلب النكاح، قال الشيخ محيي الرين النووي‏:‏ ولعل معناه‏:‏ أنه سيصير إلى هذه الحالة‏.‏

«النَّضح» قال الجوهري‏:‏ النضح‏:‏ الرشُّ، وقال المصنف رحمه الله في «الكافي» النضح‏:‏ أن يغمره بالماء، وإن لم يزُل عنه‏.‏

«أو الحِذاء» الحِذاء ممدود بكسر الحاء، قال الجوهري‏:‏ وهو النعل‏.‏

«إلا الدم» الدم معروف، أصله دَمْي، وجمعه‏:‏ دِماء ودُميٍّ كظَبْي وظُبِيٍّ‏.‏ وهذا مذهب سيبويه، وقال المبرد‏:‏ أصله دَمَيٌ بالتحريك، وإن جاء جمعه مخالفاً لنظائره‏.‏ وذكر الجوهري‏:‏ أن أصله دمَوٌ بالتحريك‏.‏ وكأنَّ مأخذه في ذلك قول بعض العرب في تثنيته‏:‏ دموان على العاقبة، وهي قليلة، لأن حكم أكثر المعاقبة إنما هو قلب الواو ياء، وأكثر تثنيته دميان، قال الشاعر‏:‏

فلو أنَّا على حجرٍ ذُبحْنا

جرى الدَّميَان بالخبَر اليقين

والدم بالجر على البدل من شيء، وهو الأفصح، وبالنصب على الاستثناء‏.‏

«من القيح والصّديد» القيح‏:‏ المِدَّة التي لا يخالطها دم، والصَّديد‏:‏ الماء الرقيق المختلط بالدم قبل أن تغلظ المِدّةُ‏.‏

«وعنه في المذي والقيء» فيه ثلاث لغات‏:‏ مَذْيٌ كظبي، وهي فُصحاهن، ومَذِيّ كشقيّ، ومَذٍّ كعم‏.‏ وحكى كُراع في «المجرد»‏:‏ أنه يقال‏:‏ مَدّي بدالٍ مهملة، وأمّا فعله، ففيه ثلاث لغات‏:‏ مَذى بالتخفيف وأمذى، ومذَّى بالتشديد‏.‏ قال الجوهري‏:‏ المذْي بالتسكين‏:‏ ما يخرج عند الملاعبة والتقبيل، وفيه الوضوء، والقيء‏:‏ مهموز‏.‏

«وسباع البهائم و الطير» سباع البهائم‏:‏ الأسد، والنَّمر، والفهد، والذئب، ونحو ذلك‏.‏ والكلب والخِنزير من سباع البهائم‏.‏ ولا خلاف في المذهب في نجاستها، ولم يدخلا هنا، لنصه على نجاستهما أول الباب‏.‏

وسباع الطير، قال ابن السكيت‏:‏ سباع الطير‏:‏ ما يَصيدُ منها، والجوارح‏:‏ الكواسي من الطير، ومن ثمَّ قيل‏:‏ فلان جارح أهله وجارحتهم أي‏:‏ كاسبهم‏.‏

وبول الخفاش والنبيذ» قال الجوهري‏:‏ الخُفّاش‏:‏ واحد الخفافيش التي تطير بالليل ثم قال‏:‏ فيما آخره فاء، الخُفّاشُ‏.‏ ويقال له‏:‏ الخُطّافُ‏.‏ والنبيذ‏:‏ فعيل بمعنى مفعول، كقتيل وجريح، سمي بذلك لكونه يُنتبذ فيه تمر ونحو ذلك، يقال‏:‏ نبذتُ النبيذ وأنبذتُه إذا عملته‏.‏

«وما لا نفس له سائله كالذباب» النفس السائلة‏:‏ الدم السائل‏.‏ قال الشاعر‏:‏

تسيلُ على حدِّ الظُّباتِ نفوسنا *** وليس غير الظبات تسيلُ

وسمي الدم نفساً في البدن، وقيل للمولود‏:‏ منفوس، لأنه مما ينفس به، أي‏:‏ يُضنّ به‏.‏ ويجوز في «سائله» الرفع التنوين، والنصب والتنوين، لا يجوز بناؤه على الفتح بلا تنوين، لعدم إمكان تركيبه مع موصوفه، لأنه مفعول بالجار والمجرور، وهو «له»‏.‏ وأما الذّباب، فهو هذا المعروف، وهو مفرد، وجمعه ذِبّان وأذِبَّة، ولا يقال‏:‏ ذبابة، نص على ذلك ابن سيده، والأزهري‏.‏ وأما الجوهري فقال‏:‏ واحده‏:‏ ذبابة، ولا يقال‏:‏ ذِبَّانه‏.‏ والصواب‏:‏ الأول، والظاهر أن هذا تصحيف من الجوهري‏.‏ رآهم قالوا‏:‏ ولا يقال‏:‏ ذُبابة واعتقدها ذِبّانه وأجراه أسماء الأجناس المفرَّق بينها وبين واحدها بالتاء كتمرٍ وتمرة‏.‏

«وروثه» الروث لغير الآدميين، بمنزلة الغائط والعَذرَةِ منهم‏.‏

«وفي رطوبة فرج المرأة» المراد هنا بفرج المرأة، مسلك الذكر منها‏.‏ فعند أصحابنا حكمه حكم الطاهر، إذا عُلم دخولُ النجاسة إليه، وجب غسله، وتبطل طهارته بخروج الحيض والمنيّ إليه، ولا يبطل صومها بدخول أصبعها ولا غيرها إليه، ومن قال‏:‏ حكمه حكم الباطن، انعكست هذه الأحكامُ لديه‏.‏

«وسؤر الهرة» السؤر بضم السين مهموز‏:‏ بقية طعام الحيوان وشرابه‏.‏ عن صاحب «المحكم» من اللغويين‏.‏ وصاحب «المستوعب» من الفقهاء‏.‏ وسور المدينة غير مهموز، والسورة من القرآن تهمز لشبهها بالسؤر‏:‏ البقية، ولا تهمز لشبهها بسور المدينة‏.‏

باب الحيض

وأصله‏:‏ السيلان، قال الجوهري‏:‏ حاضت المرأة تحيض حيْضاً ومحيضاً فهي حائض وحائضة أيضاً، ذكره ابن الأثير وغيره‏.‏ واستحيضت المرأة‏:‏ استمر بها الدم بعد أيامها، فهي مستحاضة‏.‏ وتحيّضت، أي‏:‏ قعدت أيام حيضها عن الصلاة‏.‏ وقال أبو القاسم الزمخشري في كتابه «أساس البلاغة»‏:‏ ومن المجاز‏:‏ جادت السَّمْرةُ‏:‏ إذا خرج منها شبه الدم‏.‏

وقال المصنف رحمه الله تعالى‏:‏ الحيض‏:‏ دم يرخيه الرحم إذا بلغت المرأة، ثم يعتادها في أوقات معلومة لحمة تربية الولد، فإذا حملت، انصرف ذلك الدم بإذن الله تعالى إلى تغذية الولد، ولذلك الحامل لا تحيض، فإذا وضعت الولد، قلبه الله تعالى بحكمته لبناً يتغذى به، ولذلك قلَّما تحيض المرضع، فإذا خلت من حَمْلٍ ورَضاع، بقي ذلك الدم لا مصرف له، فيستقر في مكان، ثم يخرجُ في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة، وقد‏:‏ نريد على ذلك ويقل، ويطول شهر المرأة ويقصرُ على حسب ما يركّبُه الله تعالى في الطباع اهـ آخر كلامه‏.‏ والاستحاضة‏:‏ سيلانه في غير وقته من العاذل بالذال المعجمة‏.‏ وقد يقال المهملة حكاها ابن سيدة‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ العاذر لغة في العاذل يعني‏:‏ بالذال المعجمة والراء، وهو اسم للعرق الذي يسيل منه دم الاستحاضة‏.‏ قال‏:‏ وسئل ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما عن دم الاستحاضة فقال‏:‏ ذاك العاذل يغذو، يعني‏:‏ يسيل، لتستقر بثوب ولتُصلّ‏.‏

«دم طبيعة وجبلَّة» الطّبع والطبيعةُ، والسَّجيةُ، والجبلَّة‏:‏ الخِلْقَةُ، عن الجوهري وغيره‏.‏ ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏واتقوا الذي خلقكم الجبِلَّة الأولين‏}‏‏.‏ وقرىء بضم الجيم والباء، وهما لغتان نقلهما أبو البقاء، وحكى ابن سيده فيها ثلاث لغات أخر‏:‏ جبُلة كغُرفة، وجِبْلَة، ككِسْرة، وجَبْلَة، كشَرْبة، فصار فيها خمس لغات‏.‏

«وسنة الطلاق» في حق من تحيض من وجهين‏.‏ أحدهما‏:‏ من جهة الزمان، وهو أن يطلقها في طهر لم يصبها فيه‏.‏ والثاني‏:‏ من جهة العدد، وهو أن يطلقها واحدةً ثم يدعها حتى تنقضيَ عِدَّتها، فالحيض يمنع سُنَّة الطلاق بالنسبة إلى الزمان دون العدد‏.‏

«والبلوغ» البلوغ في اللغة‏:‏ الوصول‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وبلغ الغلام‏:‏ أدرك‏.‏ والمراد به ـ والله أعلم ـ بلوغ حَدِّ التكليف ـ، وهو في حَقّ الغلام والجارية كما ذكره رحمه الله في كتاب «الحجر»‏.‏

«والنفاس مِثلُه» النِّفاس بكسر النون في أصل اللغة‏:‏ مصدر نُفهسَتِ المرأةُ بضم النون وفتحها مع كسر الفاء فيهما‏:‏ إذا ولدت، وسميت الولادة نِفاساً من التنفس، وهو التشقق والانصداع، يقال‏:‏ تنفست القوس‏:‏ إذا تشققت، وقيل‏:‏ سميت نفاساً، لما يسيل لأجلها من الدم‏.‏ والدم‏:‏ النفس كما تقدم، ثم سمي الدم الخارج نَفْسُهُ نِفاساً، لكونه خارجاً بسبب الولادة التي هي النفاس تسمية للمسبِّب باسم السبب‏.‏ ويقال لمن النفاس‏:‏ نُفَساء بضم النون وفتح الفاء وهي الفصحى، ونَفَساء بفتحهما، ونفساء بفتح النون، وإسكان الفاء، عن اللحياني في «نوادره» وغيره، واللغات الثلاث بالمد، ثم هي نُفساءُ حتَّى تطهر، وحكى ابن عُديس في كتاب «الصواب» عن ثعلب، النُّفساءُ‏:‏ الحائط، والوالدة، والحامل، وتجمع على نِفاس، ولا نظير له إلا ناقةُ عَشراء، ونوق عِشار‏.‏

«أبيح فعل الصيام، والطلاق» بالرفع عطفاً على فعل، وبالجر عطفاً على الصيام‏.‏

«فعليه نصف دينار كفارة» نصف بكسر النون وضمها لغة، وبها قرأ زيد بن ثابت‏:‏ فلها النصف، والنصف‏:‏ أحد شقي الشيء، كله عن الجوهري‏.‏ و«كفارة» نصبت على التمييز، ويجوز رفعها تبعاً لنصف دينار‏.‏

«إلا التوبة» بالرفع، قال الجوهري‏:‏ التوبة‏:‏ الرجوع عن الذنب‏.‏ وكذلك التوبُ و في كتاب سيبويه التتوبة على وزن تفعله‏:‏ التوبة‏.‏ وهي في الشرع‏:‏ الندم على ما مضى من الذنب، والإقلاع في الحال، والعزم على إن لا يعود في المستقبل، تعظيماً لله تعالى، وحذراً من أليم عقابه وسخطه‏.‏

«وأقل الحيض يوم» أي أقل زمن الحيض، وكذا أكثره وغالبه، ويجوز تقدير المضاف في الخبر، أي أقل الحيض حيض يوم، وكذا أكثره وغالبه‏.‏

«وأكثره خمسة عشر» المشهور فتح العين، قال ابن السكيت‏:‏ ومن العرب من يسكن العين فيقول‏:‏ أحد عشْرَ وكذلك إلى تسعةَ عشرَ، إلاّ اثني عشر، فإن العين لا تسكن لسكون الياء والألف، ويقولون‏:‏ إحدى عَشِرةَ، فإن العين لا تسكن لسكون الياء والألف، ويقولون‏:‏ إحدى عَشِرَة امرأة بكسر الشين، وإن شئت سكنت إلى تسع عشْر بسكون الشين عن أهل الحجاز، وبالكسر عن أهل نجد، كله عن الجوهري‏.‏

«لأكثره فما دون» هو بضم النون، لقطعه عن الإضافة منوية، ويجوز، نصبها على ظرف، على تقدير المضاف، كقراءة من قرأ ‏{‏لله الأمر من قبل ومن بعد‏}‏‏.‏ الروم‏:‏ بالكسر بلا تنوين‏.‏

«على قدر واحد» أي‏:‏ على مقدار واحد، بسكون الدال وفتحها‏.‏

«أسود منتن» أي كريه الرائحة، عن الجوهري‏.‏ يقال‏:‏ نَتُنَ الشيء، ونَتَنَ بضم التاء وفتحها، وأنتن فهو مُنْتِن بضم الميم وكسرها لغة حكاها الجوهري‏.‏

«فحيضها زمن الدم الأسود» يجوز رفع «زمن» على أنه خبر عن حيضها، على حذف مضاف، أي‏:‏ زمن حيضها، ويجوز نصبه على الظرف‏:‏

«أثناء عادتها» قال الجوهري‏:‏ الثني واحد أثناء الشيء، أي‏:‏ تضاعيفه‏.‏ تقول‏:‏ أنفذت كذا في ثني كتابي أي‏:‏ في طيّه‏.‏

«وتعصبه» أي‏:‏ تشده بعصابة، بفتح التاء وكسر الصاد مخففة، ويجوز ضم التاء وتشديد الصاد‏.‏

«من به سلس البول» هو الذي لا يستمسك بوله، والذي تقدم‏.‏

«لا يرقأ دمه» أي‏:‏ لا يسكن وهو مهموز، يقال‏:‏ رقأ الدم رقوءاً، وفي بعض الأحاديث «لا تسبوا الإبل فإن فيها رقوء الدم» أي تُعطى في لدية فتحقن بها الدماء‏.‏

«والرعاف الدائم» الرعاف على وزن البزاق‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ هو الدم الذي يسبق من الأنف، وكل سابق راعف، وفي فعله ثلاث لغات، رَعف بفتح العين وهي فصحاها، ورُعف بضمها حكاها يعقوب، وأبو عبيد في «الغريب المصنف» وابن القطاع والجوهري وغيرهم‏.‏ ورعف بكسر العين، حكاها ابن سيده وابن السيِّد في «مثله» قال المطرزي‏:‏ وهو أضعفها‏.‏

«من غير خوف العنت» العنت، بفتح العين والنون‏.‏ قال الجوهري‏:‏ هو الإثم، وقوله تعالى ‏{‏ذلك لمن خشي العنت منكم‏}‏‏.‏ يعني الفجور والزنى‏.‏ والعنت أيضاً‏:‏ الوقوع في أمر شاق‏.‏

«وإن ولدت توأمين» واحدها توأم «والتوأمان» الولدان في بطن واحد‏.‏ يقال‏:‏ أتأمت المرأة‏:‏ إذا ولدت اثنين في بطن فهي متئم، فإذا كان ذلك عادة لها فهي متآم والولدان توأمان، ويقال هذا توأم هذا على فوعل، وهذه توأمة هذه‏.‏

كتاب الصلاة

الصلاة في اللغة‏:‏ الدعاء‏.‏ قال الله تعالى ‏{‏وصلِّ عليهم‏}‏ أي‏:‏ ادع لهم وقال الأعشى‏:‏

وقابَلها الرِّيح في دنِّها

وصلَّى على دنِّها وارتسم

أي‏:‏ دعا وكبر، وهي مشقة من الصلوين، قالوا‏:‏ ولهذا كتبت الصلاة بالواو في المصحف‏.‏ وقيل‏:‏ هي من الرحمة‏.‏ والصلوات، واحدها صلا كعصا، وهي عرقان من جانبي الذنب، وقيل‏:‏ عظمان ينحنيان في الركوع والسجود‏.‏ وقال ابن سيده‏:‏ الصَّلاة، وسْط الظهر من الإنسان، ومن كل ذي أربع، وقيل‏:‏ هو ما انحدر من الوركين، وقيل‏:‏ الفرجة التي بين الجاعرة والذنب، وقيل‏:‏ هو ما عن يمين الذنب وشماله، وقيل في اشتقاق الصلاة غير ذلك‏.‏

وهي في الشرع‏:‏ الأفعال المعلومة، من القيام، والقعود، والركوع، والسجود، والقراءة، والذكر، وغير ذلك، وسميت بذلك لاشتمالها على الدعاء‏.‏

«بسُكرٍ أو إغماء أو شراب دواء» السكر بضم السين، اسم مصدر، وهو زوال العقل بشرب المسكر، يقال‏:‏ سَكِرَ يسْكَرُ سَكَراً، كبَطِرَ يَبطَر بَطَراً، فهو سكران، والجمع‏:‏ سَكْرَى وسُكارى وسَكَارى‏.‏ والمرأة سَكْرَى ولغة بني أسد، سكرانة‏.‏

«والإغماء» مصدر أغمي عليه، فهو مُغْمَى عليه‏.‏ ويقال‏:‏ غُمِيَ عليه، فهو مُغْميٌّ عليه كبني عليه فهو مبني عليه إذا عُشِيَ عليه‏.‏ ويقال‏:‏ هو غَمىً كعصاً، وكذلك الاثنان، والجمع، والمؤنث، وإن شئت‏.‏ ثنَّيْت وجمعت وأثنت، ذكره الجوهري‏.‏

والشرب مصدر شرب وفيه ثلاث لغات، ضم الشين، وهو أشهرها، وفتحها، وهو القياس، وكسرها، وهو قليل، وقد قرىء بالثلاث قوله تعالى ‏{‏فشاربون شرب الهيم‏}‏‏.‏

والدواء بفتح الدال ممدوداً، وكسر الدال، لغة حكاها الجوهري، وهو يتناول للمداوة‏.‏

«ولا تجب على صبي» قال ابن سيده‏:‏ الصبي‏:‏ من لدن يولد إلى أن يُفطم، والجمع أصِبية، وصِبْوة وصُبْية، وصِية وصِبوان، وصُبوان، وصِبيان‏.‏

«حتى يستتاب ثلاثاً» أي‏:‏ يطلب منه التوبة ثلاثة أيام‏.‏ والعرب تغلَّب في العدد الليالي على الأيام، فلذلك لم يقل‏:‏ ثلاثة‏.‏

باب الأذان والإقامة

الأذان في اللغة‏:‏ الأعلام‏.‏ قال الأزهري‏:‏ والأذان اسم من قولك‏:‏ آذنت فلاناً بأمر كذا وكذا، أوذنه إيذاناً، أي‏:‏ أعلمته، وقد أذَّن تأذيناً وأذاناً‏:‏ إذا أعلم الناس بوقت الصلاة، فوُضِعَ الاسم موضع المصدر‏.‏ وقال الله تعالى ‏{‏وأذان من الله ورسوله إلى الناس‏}‏‏.‏ أي إعلام‏.‏ وأصل هذا من «الأذن» كأنه يُلقى في آذان الناس بصوته، ما إذا سمعوه علموا أنهم ندبوا إلى الصلاة‏.‏

وهو في الشرع‏:‏ الأعلام بدخول وقت الصلاة، بالذكر المخصوص‏.‏

والإقامة مصدر أقام، وهو متعدّي قام، فحقيقة إقامة القاعد، وهي في الشرع‏:‏ الإعلام بالقيام إلى الصلاة، كأن المؤذن أقام القاعدين، وأزالهم عن قعودهم‏.‏

«وهما فرض على الكفاية» الفرض عند الفقهاء قسمان‏:‏ فرض عين، وهو ما وجب على كل واحد لا يسقط عنه بفعل غيره، وقرض كفاية، وهو الذي إذا قام به من يكفي سقط عن سائر المكلفين‏.‏

«قاتلهم الإمام» المراد بالإمام الخلفية، ومن جرى مجراه من سلطان ونائبه‏.‏

«أخذ الأجرة» الأجرة‏:‏ العوض المسمى في عقد الإجارة، قال الجوهري‏:‏ الأجرة‏:‏ الكراء‏.‏

«رَزَق الإمام من بيت المال» أي‏:‏ أعطى من غير إجارة، قال الجوهري وابن فارس‏:‏ الرزق‏:‏ العطاء، والجمع، الأرزاق‏.‏

«صيِّتاً» قال الأزهري‏:‏ الصَّيِّت، بوزن السيد والهين، وهو الرفيع الصوت، وهو فعيل من صات يصوت، كما يقال للسحاب الماطر‏:‏ صيب، وهو من صاب يصوب‏.‏

«تَشَّاح» تفاعل من الشح، قال الجوهري‏:‏ الشح‏:‏ البخل مع حِرص، تقول‏:‏ شَحِحت وشحَحَتُ بالكسر والفتح أشَحَّ وأشُحّ، وتشاح الرجلان على الأمر‏:‏ لا يريدان أن يفوتهما، وفلان يشاحُّ على فلان، أي‏:‏ يضِنُّ به‏.‏

«أقرع بينهما» قال ابن سيده‏:‏ القُرْعة السُّهمة والمقارعة‏:‏ المساهمة وقد أقرع القوم وتقارعوا وقارع بينهم، وأقرع أعلى‏.‏ وقارعه، فقرعه يقرعه، أي‏:‏ أصابته القرعة دونه، وقال الجوهري‏:‏ القرعة بالضم معروفة‏.‏ ويقال‏:‏ كانت له القرعة‏:‏ إذا قرع أصحابه‏.‏ وحكى أبو منصور الجواليقي‏:‏ وقرع بين نسائه وأقرع، فالظاهر إن اللغتين في كل منهما، لعدم الفرق بين النساء وغيرهن‏.‏

«لا ترجيع فيه» الترجيع في الأذان‏:‏ تكرير الشهادتين‏.‏ قال الجوهري‏:‏ والترجيع في الأذان، وترجيع الصوت‏:‏ ترديده في الحلق، كقراءة أصحاب الألحان‏.‏

«أن يترسل» الترسل‏:‏ الثاني والتمهيل، قال الجوهري‏:‏ «المترسل» الذي يتمهل في تأذينه، ويبين تبييناً يفهمه من يسمعه، وهو من قولهم‏:‏ جاء فلان على رسله‏:‏ أي‏:‏ على هِيَنته، غير عجلٍ، ولا متعب لنفسه‏.‏

«ويحدر الإقامة» قال الجوهري‏:‏ حدر في قراءته، وفي أذانه، يَحْدُر حَدْراً‏:‏ إذا أسرع‏.‏ وحكى أبو عثمان في «أفعاله»‏:‏ حدر القراءة‏:‏ أسرعها، وأحدرها‏.‏ ولا فرق بين القراءة، والأذان‏.‏

«فإذا بلغ الحيعلة» الحيعلة هنا‏:‏ قول المؤذن‏:‏ حيَّ على الصلاة‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وقد حيعل المؤذن، كما يقال‏:‏ حولق، تعبشم مركبا من كلمتين‏.‏ وأنشد قول الشاعر‏:‏

أقولُ لها ودمعُ العينِ جارٍ *** ألم يُحزِنكِ حيعلةُ المنادي

قال الأزهري‏:‏ معنى «حيِّ» هلُمَّ‏.‏ وعجِّل إلى الصلاة‏.‏ و«الفلاح» هو الفوز بالبقاء، والخلود في النعيم المقيم‏.‏ ويقال للفائز‏:‏ مفلح، وكل من أصاب خيراً‏:‏ مفلح‏.‏ آخر كلامه، وقد تتركب «حيَّ» مع «هلا» و«على»، فيقال‏:‏ حَيْهلاً، وحيعلى، وفيها عدة أوجه، نظمها شيخنا أبو عبد الله بن مالك في هذا البيت قال‏:‏

حيَّهلُ حيَّهلَ احفظ ثم حيَّهلا *** أو نوّن أو حَّيهل قل ثم حي علا

وهي كلمة استعجال‏.‏ قال لبيد أنشده الجوهري‏:‏

يتمارى في الذي قلتُ له *** ولقد يَسْمَعُ قولي حيَّهلْ

وهي كلمة مولَّدة، ليست من كلام العرب، لأنه ليس في كلامهم كلمة واحدة فيها «حاء وعين» مهملتان‏.‏ وقال أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي في كتاب «فقه اللغة»‏:‏ البسملة‏:‏ حكاية قول‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم، والسَّبحلة، حكاية قول‏:‏ سبحان الله، والهيللة‏:‏ حكاية قول‏:‏ لا إله إلا الله، والحوقلة، والحولقة‏:‏ حكاية قول‏:‏ لا حول ولا قوة إلا بالله، والحمدلة‏:‏ حكاية قول‏:‏ الحمد لله، والحيعلة‏:‏ حي على الصلاة، حي على الفلاح، والطلبقة‏:‏ أطال الله بقاءك، والدمغرة‏:‏ أدام الله عزك، والجعلفة‏:‏ جعلني الله فداك‏.‏

«ولم يستدر» أي‏:‏ لم يولِّ ظهره القبلة، سواء كان على ظهر الأرض، أو في منارة في ظاهر كلام الخرقي وذكر الأصحاب عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى فيمن أذن في المنارة روايتين‏.‏

«ويجعل أصبعيه في أذنيه» المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله‏:‏ جعل أصبعيه في أذنيه، وعليه العمل عند أهل العلم، قاله الترمذي‏.‏ ويروي أبو طالب عن أحمد رحمه‏:‏ أحب أن يجعل يديه على أذنيه، وهو اختيار الخرقي‏.‏

«ويتولاهما معاً» أي‏:‏ يتولى الأذان والإقامة شخص واحد، هذا على وجه الاستحباب‏.‏

«فإن نكسه» بتخفيف الكاف وتشديدها بمعنى‏:‏ قَلبَه، ذكره الجوهري‏.‏ وأنكسه لغة حكاها أبو عبد الله بن مالك رحمه الله‏.‏

«جلسة خفيفة» الجلسة، بفتح الجيم‏:‏ المرة من جلس، وبالكسر‏:‏ الهيئة منه‏.‏

«وهل يجزىء أذان المميِّز» المميز‏:‏ الذي يفهم الخطاب، ويردّ الجواب، ولا ينضبط بسنِّ، بل يختلف باختلاف الأفهام‏.‏

«وهل يعتدّ بأذان الفاسق، والأذان الملحَّن» قال ابن سيده في «المحكم»‏:‏ الفسق‏:‏ العصيان، والترك لأمر الله تعالى، والخروج عن طريق الحق، يقال‏:‏ فَسقَ يفسُق ويفسِق فِسقاً وفسوقاً؛ وفُسق بالضم، عن اللحياني‏.‏ وقيل‏:‏ الفسوق‏:‏ الخروج عن الدين، آخر كلامه‏.‏

والفاسق شرعاً‏:‏ مَن فعل كبيرة، أو أثر من الصغائر، كذ نصَّ عليه المصنف رحمه الله في «الكافي» والكبيرة‏:‏ ما فيه حدٌّ في الدنيا، أو وعيدٌ في الآخرة، نص عليه الإمام أحمد رحمه الله تعالى‏.‏ وللعلماء فيه ثلاثة عشر قولاً، يطول ذكرها‏.‏ والأذان الملحَّن‏:‏ الذي فيه تطريب، قال الجوهري‏:‏ وقد لحن في قراءته‏:‏ إذا طرَّب بها وغرّد‏.‏

«فإنه يقول‏:‏ لا حول ولا قوة إلا بالله» في إعرابها خمسة أوجه، بناء الأول على الفتح، ورفعه بالتنوين، فمع بناء الأول يجوز رفع الثاني ونصبه منوّنين، وبناؤه، ومع رفع الأول يجوز رفع الثاني وبناؤه، ويمتنع نصبه، لأنه لا وجه له‏.‏

قال الخطابي‏:‏ معنى «لا حول ولا قوة إلا بالله» إظهار الفقر، وطلب المعونة منه على كل ما يزاوله من الأمور، أي‏:‏ يعالجه وهو حقيقة العبودية‏.‏

وقال ابن الأنباري‏:‏ الحول‏:‏ معناه في كلام العرب‏:‏ الحيلة، يقال‏:‏ ما للرجل حول، وما له احتيار، وما له محالة، وما له محال، بمعنىً واحد، يريد أنه لا حيلة له في دفع شيء، ولا قوة له في درك خير إلاّ بالله، ومعناه‏:‏ التبرؤ من حول نفسه، ومن قوته‏.‏

وقال أبو الهيثم الرّازث‏:‏ قوله‏:‏ لا حول، أصله‏:‏ من حال الشيء‏:‏ إذا تحرك، تقول‏:‏ لا حركة، ولا استطاعة إلا بالله‏.‏ وقد روي عن ابن مسعود ـ رضى الله عنه ـ أنه قال في تفسير‏:‏ لا حول ولا قوة إلا بالله‏:‏ لا حول عن معصية الله إلاّ بعصمة الله، ولا قوة على طاعته إلاّ بمعونته‏.‏ قال الخطابي‏:‏ هذا أحسن ما جاء فيه‏.‏ ويقال‏:‏ لا حَيْل ولا قوة، لغة، حكاها الجوهري‏.‏ ويقال‏:‏ الحوقلة، والحولقة، والأول‏:‏ أكثر في كلامهم‏.‏

«اللهم رب هذه الدَّعوة التامّة» إلى آخر الباب، مذهب سيبويه، والخليل ابن أحمد وسائر البصريين، أن أصل «اللهم»، يا لله، وأن الميم بدل من يا، وقال الفراء‏:‏ أصله‏:‏ يا الله أُمَّم بخير، فحذف حرف النداء، حكى المذهبين، الأزهري‏.‏

«والدعوة التامّة» قال الخطابي في كتاب «شأن الدعاء» وصفها بالتمام، لأنها ذكر الله تعالى يُدعى بها إلى طاعته، وهذه الأمور التي تستحق صفة الكمال والتمام، وما سواهما من أمور الدنيا، فإنه مُعرَّض للنقص والفساد‏.‏ وكان الإمام أحمد رحمه الله تعالى يستدل بهذا على أن القرآن غير مخلوق، قال‏:‏ لأنه ما من مخلوق إلا فيه نقص‏.‏

«الصلاة القائمة» أي‏:‏ التي ستقوم، وتفعل بصفاتها‏.‏

«والوسيلة» منزلة في الجنة ثبت ذلك في «صحيح مسلم» من كلام رسول الله‏.‏ وقال أهل اللغة‏:‏ «الوسيلة» المنزلة عند الملك‏.‏

«والمقام المحمود» هو الشفاعة العظمى في موقف القيامة، سمي بذلك، لأنه يحمده فيه الأولون والآخرون، حين يشفع لهم‏.‏

قال أبو إسحاق الزجاج‏:‏ والذي صحت به الأخبار في المقام المحمود‏:‏ أنه الشفاعة‏.‏ ولفظ الحديث في «صحيح البخاري» وفي الترمذي وكثير من الكتب، «مقاماً محموداً» بلفظ التنكير، فيكون «الذي وعدته» بدلاً، أو عطف بيان‏.‏ قيل‏:‏ جيء به منكراً، تأدباً مع القرآن، في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً‏}‏‏.‏ ورواه الحافظ أبو بكر البيهقي في «السنن الكبير» «المقام المحمود» وكذلك أبو حاتم ابن حبان في كتاب «الصلاة»‏.‏

باب شروط الصلاة

«الشروط» جمع شرط، قال المصنف رحمه الله تعالى في «الروضة»‏:‏ ومما يعتبر للحكم، الشرط، وهو‏:‏ ما يلزم من انتفائه انتفاء الحكم، كالإحصان مع الرجم، والحوْل في الزكاة‏.‏

فالشرط‏:‏ ما لا يوجد المشروط مع عدمه، ولا يلزم أن يوجد عند وجوده، وهو عقلي، ولغوي وشرعي‏.‏

فالعقلي‏:‏ كالحياة للعلم، واللغوي، كقوله‏:‏ إن دخلت الدار فأنت طالق، والشرعي‏:‏ كالطهارة للصلاة، والإحصان للرَّجم، وسمي شرطاً، لأنه علامة على المشروط‏.‏ يقال‏:‏ أشرط نفسه للأمر‏:‏ إذا جعلها علامة عليه، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فقد جاء أشراطها‏}‏، أي‏:‏ علاماتها‏.‏ هذا آخر كلامه‏.‏ فالشرط بسكون الراء يجمع على شروط، كما قال هنا، وعلى شرائط، كما قال في «العمدة» والأشراط‏:‏ واحدها شرط بفتح الشين والراء، والله أعلم‏.‏

«وهي ستّ» كذا هو في أصل المصنف بخط يده بغير هاءٍ وقياسه، وهي ستة بالهاء، لأنَّ واحدها شرط، وهو مذكر تلزَم الهاء في جمعه، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وثمانية أيام‏}‏‏.‏ وتأويله‏:‏ أن يؤول الشرط بالشريطة، قال الجوهري‏:‏ الشرط معروف، وكذلك الشريطة، وجمعها شرائط، فكأنه قال‏:‏ باب شرائط الصلاة وهي ست، كما قال في «العمدة» وكذا قال أبو الخطاب في «الهداية»‏.‏

«الظهر وهي الأولى» الظهر‏:‏ لغة، الوقت بعد الزوال، قال الجوهري‏:‏ والظهر بالتيمم‏:‏ بعد الزوال، ومنه صلاة الظهر‏.‏ آخر كلامه‏.‏

والظهر شرعاً‏:‏ اسم للصلاة، وهي من تسمية الشيء باسم وقته‏.‏ وقولنا‏:‏ صلاة الظهر، أي صلاة هذا الوقت‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ الأولى‏:‏ اسمها المعروف، سميت بذلك، لأنها أول صلاة صلاها حبريل بالنبي‏.‏ قال المصنف رحمه الله في «المغني?» وبدى بها النبي حين علَّم أصحابه مواقيت الصلاة في حديث بريدة وغيره، وبدأ بها أصحابه، حين سئلوا عن الأوقات، وتسمى‏:‏ الأولى، والهجيرة، والظهر‏.‏

«ووقتها من زوال الشمس إلى أن يصير ظلُّ كل شيءٍ مثله» زوال الشمس‏:‏ ميلها عن كبد السماء، ويعرف ذلك بطول الظل بعد تناهي قصره، كذا ذكره في «المغني» والظل‏:‏ أصله الستر؛ ومنه‏:‏ أنا في ظلال فلان، ومنه‏:‏ ظل الجنة، وظل شجرها‏.‏ وظل الليل‏:‏ سواده، وظل الشمس‏:‏ ما ستر الشخوص من مسقطها، ذكره ابن قتيبة‏.‏ قال‏:‏ والظل يكون غدوة وعشية، من أول النهار وآخره، والفيء لا يكون إلا بعد الزوال، لأنه فاء، أي‏:‏ رجع‏.‏

«ثم العصر» وهي الوسطى‏.‏ قال الجوهري‏:‏ والعصران‏:‏ الغداة والعشي، ومنه سميت صلاة العصر‏.‏ قال الأزهري‏:‏ وأما العصر، فإنها سميت عصراً باسم ذلك الوقت‏.‏ والغداة والعشيّ‏:‏ يسميان العصرين، تقول‏:‏ فلان يأتي فلاناً العصرين، والبردين، إذا كان يأتيه طرفي النهار‏.‏ آخر كلامه‏.‏ فكأنها والله أعلم سميت باسم وقتها، كما تقدم في الظهر‏.‏

«والوسطى» مؤنث الأوسط‏.‏ والأوسط، والوسط‏:‏ الخيار، قال أبو اسحاق الزجاج في «المعاني» وقيل في صفة النبي ‏:‏ إنه من أوسط قومه، أي‏:‏ من خيارهم، والعرب تصف الفاضل النَّسب بأنه من أوسط قومه، وهذا يعرف حقيقته أهل اللغة‏.‏

قال الجوهري‏:‏ وفلان وسط في قومه‏:‏ إذا كان أوسطهم نسباً، وأرفعهم محلاً ولا يستقيم أن تكون العصر وسطى، بمعنى متوسطة، لكون الظهر هي الأولى، بل بمعنى الفُضلى لثبوت ذلك فيها عن النبي‏.‏

«ثم المغرب» المغرب في الأصل‏:‏ مصدر غربت الشمس غروباً ومغرِباً، ثم سميت الصلاة مغرباً كما تقدم في الظهر والعصر، أو على حذف المضاف، أي‏:‏ صلاة المغرب‏.‏

«إلا ليلة جمع» ليلة جمع‏:‏ المراد بها مزدلفة، وهي ليلة عيد الأضحى؛ سميت مزدلفة «جمعاً»، لاجتماع الناس بها‏.‏

«ثم العشاء» قال الجوهري‏:‏ العشاء والعشية‏:‏ من صلاة المغرب إلى العتمة‏.‏ والعشاءُ بالكسر والمد مثله، وزعم قوم أن العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر‏.‏ والعشاآن‏:‏ المغرب والعتمة‏.‏ آخر كلامه‏.‏ فكأنها سميت باسم الوقت الذي تقع فيه كما ذكر في غيرها، وقال الأزهري‏:‏ والعشاء هي التي كانت العرب تسميها العتمة، فنهى رسول الله عن ذلك، وإنما سموها عتمة باسم عتمة الليل، وهي ظلمة أوله‏.‏ وإعتامهم بالإبل، إذا راحت عليهم النّعم بعد المساء أناخوها ولم يحلبوها حى يعتموا، أي‏:‏ يدخلوا في عتمة الليل، وهي ظلمته، وكانوا يسمُّون تلك الحلبة‏:‏ عتمةً، باسم عتمة الليل، ثم قالوا لصلاة العشاء‏:‏ العتمة، لأنها تؤدي في ذلك الوقت‏.‏ آخر كلمة‏.‏ يقال‏:‏ أعتم الليل‏:‏ إذا أظلم، وعَتمَ لغة، وقال المصنف رحمه الله تعالى في «المعني»‏:‏ ولا يستجب تسميتها العتمة، وقال صاحب «المستوعب»‏:‏ ويكره أن تسمى العشاء‏:‏ العتمة‏.‏

«وعنه نصفه» يجوز ضم نون «نُصفه»، كما تقدم، وهو مرفوع بالابتداء، ولا يجوز جره، لما فيه من إعمال حرف الجر محذوفاً، وهو في مثل هذا مقصور على السمّاع كقول الشاعر‏:‏

إذا قيل أيّ الناس شر قبيلة

أشارت كليب بالأكف الأصابع

أي‏:‏ أشارت الأصابع بالأكف إلى كليب‏.‏ قلو قال‏:‏ وعنه إلى نصفه؛ لم يحتج إلى هذا التكليف‏.‏ فحيث حذف، فالتقدير‏:‏ وعنه‏:‏ آخر وقتها نصفه، كأنه قال‏:‏ آخر وقتها ثلثه، وعنه نصفه‏.‏

«ثم الفجر» قال الجوهري‏:‏ الفجر في آخر الليل كالشفق في أوله‏.‏ وقد أفجرنا، كما تقول‏:‏ قد أصبحنا من الصبح، وقال الأزهري‏:‏ سمي الفجر فجراً لانفجار الصبح، وهما فجران‏:‏ فالأول مستطيل في السماء يشبه بذنب السرحان، وهو الذئب، لأنه مستدق، صاعد غير معترض في الأفق، وهو الفجر الكاذب الذي لا يُحِلُّ أداء صلاة الصبح، ولا يحرم الأكل على الصائم‏.‏

وأما الفجر الثاني، فهو المستطير الصادق، سمي مستطيراً لانتشاره في الأفق‏.‏ قال الله تعالى ‏{‏ويخافون يوماً كان شره مستطيراً‏}‏‏.‏ أي‏:‏ منتشراً فاشياً ظاهراً‏.‏

«إن أسفر المأمومون» يقال‏:‏ سفر الصبح وأسفر، وهي أفصح، وبها جاء القرآن، قال الله تعالى ‏{‏والصبح إذا أسفر‏}‏، قال الجوهري‏:‏ وأسفر الصبح، أي‏:‏ أضاء‏.‏ وفي الحديث «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» أي‏:‏ صلوا صلاة الفحر مسفرين، أي‏:‏ إسفاراً يتيقن معه طلوع الفجر، جمعاً بينه وبين مواظبته على التغليس‏.‏

«اجتهد وصلى» قال الجوهري‏:‏ الاجتهاد‏:‏ بذل الوُسع في المجهود، وكذلك جَهَد وأجهد، حكاهما شيخنا في فَعَل وأفْعَلَ‏.‏

وقال المصنف رحمه الله تعالى في «الروضة» الاجتهاد التام‏:‏ أن يبذل الوسع في الطلب إلى أن يُحسَّ من نفسه العجز عن مزيد طلب‏.‏

«لزمهم الصبح» أي‏:‏ صلاة الصبح‏.‏ و«الصبح» بضم الصاد‏:‏ النهار، وكسر الصاد لغة حكاها شيخنا رحمه الله في «مثلثه»‏.‏

«على الفور أو في الحال» قال الجوهري‏:‏ ذهبت في حاجةٍ، ثم أتيت فلاناً من فوري أي‏:‏ قبل أن أسكن‏.‏

«أوسي الترتيب» أي‏:‏ نسي أن يقضي الصلوات مرتَّبة حال قضائها، لا أنه نسي كيف فاتته، فإن ذلك لا يسقط الترتيب على الصحيح‏.‏ وقد ذكر المصنف رحمه الله في «المغني»، فيمن فاتته ظهر وعصر، ونسي أولاهما، روايتين‏:‏ إحداهما‏:‏ يتحرى ويصلي، والثانية‏:‏ يصلي الظهر، ثم العصر صائراً إلى ترتيب الشرع، ثم قال‏:‏ ويحتمل أن يلزمه ظهر بين عصرين، أو عصرين بين ظهرين ليرتب يقيناً، ولم يذكر في «الكافي» سوى هذا الاحتمال، والله أعلم‏.‏

باب ستر العورة

قال الجوهري‏:‏ العورة‏:‏ سؤة الإنسان، وكل ما يستحيا منه، والجمع‏:‏ عورات، بالتسكين‏.‏ وقرأ بعضهم ‏{‏على عَوَرات النساء‏}‏‏.‏ بالتحريك، والعوارُ بالفتح‏:‏ العيب، وقد يضم، عن أبي زيد‏.‏ «والعوراء» الكلمة القبيحة‏.‏ آخر كلامه‏.‏ كأنها سُمِّيت بذلك، لقبح ظهورها، وغض الأبصار عنها، أخذاً من العَوار، الذي هو العيب‏.‏ ومادة «ع و ر» موضوعة بإزاء ما فيه عيب، كما أن مادة «ك ف ر» و«جُ نَّ» موضوعتان بإزاء الستر، ولا حاجة إلى مثال ذلك لظهوره‏.‏

«والأمة» قال الجوهري‏:‏ الأمة‏:‏ خلاف الحرة‏.‏ والجمع إماء، وآمٍ‏.‏ قال الشاعر‏:‏

محلَّةُ سوْءٍ أهلك الدَّهرُ أهْلَها

فلم يَبْقَ فيها غيرُ آمٍ خَوالِفٍ

وتجمع أيضاً على إموان، كأخٍ وإخوان، وأصل أمةٍ أمْوَةٌ بالتحريك، لجمعه على آمٍ، وهو أفعلُ كأنْيُقُ‏.‏ وما كنت أمةً؛ ولقد أمَوْت أمُوَّةً، والنسبة إليها أمَويٌّ بالفتح، وتصغيرها أميَّة‏.‏

«ما بين السرة والركبة» قال الجوهري‏:‏ السرة‏:‏ الموضع الذي قطع منه السُّر، وهو ما تقطعه القابلة من سُرَّة الصبي، وفيه ثلاث لغاتٍ‏:‏ سُرٌّ كقُفل؛ وسرَرٌ وسِرَرٌ، بفتح السين، وكسرها‏.‏ يقال‏:‏ عرفت ذلك قبل أن يقطع سُرُّك، ولا تقل‏:‏ سُرَّتُك؛ لأن السرة لا تقطع وإنما هي الموضع الذي قطع منه السُّر والركبة معروفة، وجمعها رُكُبات، بضم الكاف، ورُكَبات بفتحها، ورُكْبات بسكونها، وكذلك كل اسم على فُعلةٍ صحيح السين، غير مشدد، وقد قرىء بالثلاث قوله تعالى ‏{‏وهم في الغرفات آمنون‏}‏‏.‏ وليست السُّرة والركبة من العورة، نص عليه الإمام أحمد‏.‏

«فإن اقتصر على ستر العورة» ستر بفتح السين‏:‏ مصدر ستر، وبكسرها‏:‏ ما يستتر به، ذكرهما أبو عبد الله بن مالك في «مثله» ويصلح الأمران هنا‏.‏

«على عاتقه شيء» العاتق‏:‏ موضع الرداء من المنكب يذكَّر ويؤنث‏.‏

«في درع وخماء وملحفة» درع المرأة‏:‏ قميصها، وهو مذكر، وجمعه أدراع، ودرع الحديد مؤنثة، وحكى أبو عبيدة فيه التذكير، وجمعه أدراع ودروع، نقل الجميع الجوهري‏.‏ والخمار تقدم في باب المسح على الخفين‏.‏ والملحقة بكسر الميم معروفة‏.‏ قال أبو عبد الله بن مالك في «مثلثه»‏:‏ الملحف واللحفة‏:‏ اللحاف‏.‏

«ثوب حرير» يجوز تنوين ثوب، وترك تنوينه على كون حرير مضافاً إليه الثوب أو صفة‏.‏

«وعلى المنصوص» اسم مفعول من‏:‏ نص الشيء‏:‏ إذا رفعه، فكأنه مرفوع إلى الأمام‏.‏ قال الجوهري‏:‏ يقال‏:‏ نصصت الحديث إلى فلان‏:‏ رفعته إليه‏.‏

«يومىء إيماءً» يقال‏:‏ ومأ إليه وأومأ إليه، ووبأ وأبأ، وومى وأومى، ذكره شيخنا أبو عبد الله بن مالك في‏:‏ فعل وأفعل‏.‏ فيجوز على هذا يومىء بهمز، وتركه مع ضم ياء المضارعة، ويجوز يمأ بهمز وتركه‏.‏

«وإمامهم في وسطهم» بسكون السين على ما ذكر في الخطبة‏.‏

«في ضيق» بفتح الضاد مخففاً من‏:‏ ضيق‏.‏ قال الجوهري‏:‏ يقال‏:‏ ضاق الشيء ضَيْقاً وضِيقاً، فيجوز فيه هنا الفتح على أنه مخفف ضيق، والكسر المصدر على حذف مضاف، تقديره‏:‏ في ذي ضيق‏.‏

«وهو أن يضطبع» وزنه يفْتعِل من الضبع، وهو العضد، لأنه لما وقعت تاء الافتعال بعد حرف الأطباق الضاد، وجب قلبها طاءً، لأن التاء من حروف الهمس، والطاء من حروف الاستعلاء، فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها، وسمي هذا اضطباعاً لإبداء الضبعين‏.‏

«وشد الوسط» هو بفتح السين على ما ذكر في الخطبة‏.‏

«شد الزُّنَّار» الزنار بضم الزاي وتشديد النون للنصارى‏.‏

«وإرسال شيء من ثيابه خيلاء» الخيلاء‏:‏ الكبر، عن غير واحد من أئمة اللغة، وهو مصدر‏:‏ خلت بمعنى اختلت، يقال‏:‏ خان خيلة ومخالة وخيلاناً وخَيْلاء وخِيلاً بفتح الخاء وكسرها، وخُيلاء وخِيَلاء بضم الخاء وكسرها، وخالاً ومخيلة، تسعة مصادر‏.‏

«والمموهُ به» المموه‏:‏ المطلى بذهب أو فضة، عن الجوهري‏.‏

«أو حكَّة» قال الجوهري‏:‏ الحكة بكسر الحاء‏:‏ الجرب‏.‏

«أو في الحرب» الحرب مؤنثة‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏حتى تضع الحرب أوزارها‏}‏‏.‏ هذا هو المشهور، وحكى الجوهري عن المبرد‏:‏ أنها قد تذكر‏.‏

«الفرش» بضم الفاء والراء‏:‏ جمع فراش، ويجوز سكون الراء ككتُبُ وكتُبْ‏.‏

«ويباح العلم» العلم بفتح العين واللام‏:‏ طراز الثوب، والعلم أيضاً‏:‏ الراية، وشق في الشَّفَة العليا، والعلامة والجبل‏.‏ وما له علم، أي‏:‏ نظير، كله في كتاب «الوجوه والنظائر»‏.‏

«فما دون» مبني على الضم، كما تقدم‏.‏

«وكذلك الرقاع ولبنة الحيب»‏:‏ الرقاع‏:‏ جمع رقعة، وهي هذه الخرقة المعروفة‏.‏ وَلَبِنة الجيب بفتح اللام وكسر الباء، قال ابن السكيت‏:‏ ومن العرب من يقول‏:‏ لبنةٌ ولبنٌ، مثل لبدةٍ ولبدٌ‏.‏ قال صاحب «المطالع» جيب القميص‏:‏ طوقه الذي يخرج منه الرأس، فعلى هذا اللَّبنة‏:‏ الزيق، وقال الجوهري‏:‏ هو المُحيطُ بالعنق‏.‏

«وسجف الفراء» سجف‏:‏ جمع سجاف بضم السين مع ضم الجيم وسكونها، والفراء بكسر الفاء ممدوداً، واحده‏:‏ فرو، بغير هاء‏.‏ عن الجوهري‏.‏ وحكى ابن فارس في «المجمل» و«فروة» بالهاء، وكذا حكاه الزبيدي في «مختصر العين» والله أعلم‏.‏

باب اجتناب النجاسات

«لاقى ببدنه» المراد بالملاقاة هنا‏:‏ المباشرة، قال المصنف رحمه الله تعالى في «المغني»‏:‏ وإن كانت النجاسة محاذية لجسمه في حال سجوده بحيث لا يلتصق بها شيء من بدنه ولا أعضائه، لم يمنع صحة صلاته‏.‏ وإن كان طرف عمامته يسقط على نجاسة، لم تصح صلاته‏.‏ وذكر ابن عقيل احتمالاً فيما يقع عليه ثيابه خاصة أنه لا يشترط طهارته، والمذهب الأول، فأما إذا كان ثوبه يمُس شيئاً نجساً، كثوب من يصلي إلى جانبه، فقال ابن عقيل‏:‏ لا تفسد صلاته، ويحتمل أن الفسد‏.‏

«جبر ساقه» جبر يستعمل لازماً ومتعدياً، قال الجوهري‏:‏ يقال‏:‏ جبرت العظم وجبر هو نفسه جبوراً، أي‏:‏ انجبر‏.‏ وأما الساق، فمؤنثة غير مهموزة، وجمعها‏:‏ سوق، مثل أسدٍ وأسْدٍ وسيقان، وأسؤق، وهي‏:‏ ما بين القدم والركبة‏.‏ والساق أيضاً‏:‏ ذكر القمارِي‏.‏ والساقان‏:‏ أمر الدنيا والآخرة، والساق‏:‏ النفس‏.‏

«في المقبرة» المقبرة، بتثليث الباء، ذكرها ابن مالك في «مثلثة» قال الجوهري‏:‏ المقبرة بفتح الباء وضمها واحدة المقابر، وقد جاء في الشعر‏:‏ المقبر، وأنشد‏:‏

لكل أناسٍ مَقبَر بفنائهم

فهم ينقُصوْنَ والقُبورُ تزيدُ

وقبرت الميت‏:‏ دفنته، وأقبرته‏:‏ أمرت بدفنه، آخر كلامه‏.‏ ومقبرة بفتح الباء‏:‏ القياس، والضم المشهور، والكسر قليل، وكما كثُر في مكان، جاز أن يبني من اسمه «مفعلة» كقولهم‏:‏ أرض مسبعة، لما كثر فيها السباع، ومذأبة، لما كثر فيها الذئاب‏.‏ قال المصنف رحمه الله تعالى في «المعني»‏:‏ فإن كان في الأرض قبر أو قبران، لم تمنع الصلاة فيها، لأنها لا يتناولها اسم المقبرة‏.‏

«والحمام والحش وأعطان الإبل» الحمام مذكر بلا خلاف‏.‏ قال الجوهري‏:‏ والحمام مشدد واحد الحمامات المبنية‏.‏ قال المصنف رحمه الله تعالى في «المغني» ولا فرق في الحمام بين مكان الغسل وصب الماء، وبين بيت المسلخ الذي تنزع فيه الثياب، والأتون، وكل ما يغلق عليه باب الحمام‏.‏

«والحش» بفتح الحاء وضمها‏:‏ البستان‏.‏ والحش أيضاً بفتح الحاء وضمها‏:‏ المخرج، لأنهم كانوا يفضون حوائجهم في البساتين، وهي الحشوش، فسميت الأخيلة في الحضر‏:‏ حشوشاً لذلك‏.‏

«وأعطان الإبل» واحدها عطن، بفتح العين والطاء، قال الجوهري‏:‏ والعطن والمعطن‏:‏ واحد الأعطان، والمعاطن، وهي مبارك الإبل عند الماء لتشرب عللاً بعد نهل، فإذا استوفت ردت إلى المرعى‏.‏ وعطنت الإبل بالفتح تعطُن وتعطِن عطوناً‏:‏ إذا رويت، ثم بركت‏.‏ قال ابن فارس‏:‏ أعطان الإبل‏:‏ ما حول الحوض والبئر من مبارك الإبل، ثم توسع في ذلك، فصار أيضاً اسماً لما تقيم فيه وتأوى إليه‏.‏

«حكم المجزرة» المجزرة‏:‏ المكان الذي تجزر فيه المواشي، قال الجوهري‏:‏ وجزرت الجزور أجزرها بالضم، واجتزرتها‏:‏ إذا نحرتها، والمجزر بالكسر‏:‏ موضع جزرها‏.‏

«والمزبلة وقارعة الطريق» المزبلة ـ موضع الزبل ـ بفتح الباء وضمها، عن الجوهري، قال‏:‏ والزبل‏:‏ السرجين‏.‏ قال الجوهري‏:‏ قارعة الطريق‏:‏ أعلاه‏.‏ وقال ابو السعادات‏:‏ قارعة الطريق‏:‏ وسطه‏.‏ وقيل‏:‏ أعلاه، والمراد هنا‏:‏ نفس الطريق، ووجهه‏.‏

«في الكعبة» قال الجوهري‏:‏ الكعبة‏:‏ البيت الحرام، يقال‏:‏ سمي بذلك لتربعه‏.‏ ويل‏:‏ لعلوه ونتوئه، وسميت المرأة كاعباً، لنتوء ثدييها، والله أعلم‏.‏

باب استقبال القبلة

قال الواحدي‏:‏ القبلة‏:‏ الوجهة، وهي الفعلة من المقابلة، والعرب تقول‏:‏ ما له قِبْلَة، ولا دِبْرَة‏:‏ إذا لم يهتدِ لجهة أمره‏.‏ وأصل القبلة في اللغة‏:‏ الحالة التي تقابل الشيء غيره عليها، كالجلسة للحال التي يجلس عليها، إلا أنها الآن صارت كالعَلَم للجهة التي تستقبل في الصلاة‏.‏ قال ابن فارس‏:‏ سميت بذلك، لأن الناس يقبلون عليها في صلاتهم‏.‏

«في السفر» السفر‏:‏ قطع المسافة، وجمعه أسفار‏.‏ قال ثعلب‏:‏ سمي بذلك، لأنه يُسْفر عن أخلاق الرجال، من قولهم‏:‏ سفرت المرأة عن وجهها‏:‏ إذا أظهرته، وحكى الفراء‏:‏ سفرت وأُسفرت‏.‏

«إصابة العين» معناه‏:‏ استقبال نفس الكعبة، وسميت الكعبة كعبة لاستدارتها وعلوها‏.‏ وقيل‏:‏ لتربعها‏.‏ وقد بنيت الكعبة خمس مرات، ليس هذا موضع ذكر ذلك، قال الجوهري‏:‏ وعين الشيء‏:‏ نفسه‏.‏

«وإصابة الجهة» الجهة‏:‏ أصلها وجهة، قال الواحدي‏:‏ الوجهة‏:‏ اسم للمتوجَّه إليه‏.‏

«بمحاريب المسلمين» المحاريب‏:‏ واحدها محراب، قال الفراء‏:‏ المحاريب‏:‏ صدور المجالس، ومنه سمي محراب المسجد، والمحراب‏:‏ الغرفة، نقله عنه الجوهري‏.‏

«وأثبتها القطب» حكى ابن سيدة في «الحكم» في القطب ضم القاف وفتحها وكسرها‏.‏

قال المصنف رحمه الله تعالى في «المغني» وآكدها القطب الشمالي‏:‏ وهو نجم خفي حوله أنجم دائرة كفراشة الرحا في أحد طرفيها الفرقدان، وفي الآخر الجدي، وبين ذلك أنجم صغار متقوسة، ثلاثة من فوق، وثلاثة من أسفل، وتدور هذه الفراشة حول القطب دوران فراشة الرحال حول سفُّودها في كلِّ يوم وليلة دورة، في الليل نصفها، وفي النهار نصفها، والقطب لا يبرح مكانه في جميع الزمان‏.‏ وقيل‏:‏ إنه يتغير تغيراً يسيراً لا يتبين ولا يؤثر، وهو نجم خفيٌّ يراه حديد النظر إذا لم يكن القمر طالعاً‏.‏

«ومنازلها» أي‏:‏ منازل الشمس والقمر، وهي ثمانية وعشرون منزلاً، وهي‏:‏ الشرطان، والبُطيْن، والثُّريا، والدَّبَران، والهَقْعَةُ، والهنعة، والذِّراع، والنَّثْرَة، الطرف والجبهة، والزبرة بضم بضم الزاي، ويقال لها‏:‏ الحُرتان، والصَّرْفَة، والعوَّاء، مشدداً ممدوداً ومقصوراً، والسِّماك، والعَقْر، والزباني بضم الزاي مقصوراً، والإكليل، والقلب، والشَّولة، والنَّعائم، والبلْدَة، وسعد الذابح، وسعد بُلع، وسعد السعود، وسعد الأخبية، والفرغ المقدم؛ والفرْغ المؤخر، بالغين المعجمة فيهما، وبطن الحوت، ويقال‏:‏ الرشاء‏.‏ فهذه ينزل القمر كلَّ ليلة منزلاً منها، والشمس تنزل في كل منزل منها ثلاثة عشر يوماً، فيكون عَوْدُها إلى المنزل الذي نزلت به عند تمام حول كامل من أحوال السنة الشمسية، فهذه المنازل يكون منها فيما بين غروب الشمس وطلوعها أربعة عشر منزلاً، ومن طلوعها إلى غروبها مثل ذلك، ووقت الفجر منها منزلان، ووقت المغرب منزل، وهو نصف سدس سواد الليل‏.‏ وسواد الليل‏:‏ اثنا عشر منزلاً، هكذا ذكره المصنف في «المغني»‏.‏

«والرياح الجنوب» الجَنوب بفتح الجيم وضمها، يقال‏:‏ جنبت الريح وأجنبت‏:‏ إذا هبت جُنوباً بضم الجيم، والاسم‏:‏ الجَنوب بفتح الجيم، والاسم‏:‏ الجَنوب بفتح الجيم‏.‏

«والشمال مقابلتها» الشمال فيه سبع لغات مشهورة، وقد نظمها شيخنا أبو عبد الله محمد بن مالك في هذا البيت وهو‏:‏

ريح الشَّمال شمول شمأل وكذا

شمل شمائل أيضاً شأمل شَمل

وزاد صاحب «الواعي» شمالاً ككتاب؛ وشميلاً كعليم؛ فصارت تسعاً؛ يقال‏:‏ شملت الريح واشتملت‏:‏ إذا هبت شمالاً‏.‏ والدَّبور؛ بفتح الدال وضم الباء مخففة؛ والصبا‏:‏ مقصور كعصا؛ يقال‏:‏ صبت الريح وأصْبَت‏:‏ هبت صباً؛ ويجوز كتابة الصَّبَا بالألف والياء؛ كقولهم‏:‏ صَبوان وصِبيان‏.‏

«شطر وجه المصلي الأيمن» انشطر‏:‏ الناحية‏.‏ والأيمَن‏:‏ منصوب، نعتاً لشطر وجه‏.‏

«ويتبع الجاهل» والمراد بالجاهل‏:‏ الجاهل بأدلة القبلة؛ وإن كان مجتهداً في غيرها‏.‏

«من يفلده» التقليد لغة‏:‏ وضع الشيء في العنق مع الإحاطة به؛ ويسمى ذلك‏:‏ قلادة؛ وهو في عرف الفقهاء‏:‏ قبول قول غيره من غير حجة؛ أخذاً من هذا المعنى؛ فلا يسمى الآخذ بالكتاب والسنة والاجماع‏:‏ مقلداً‏.‏

باب النية

النية، مشددة، وحكي فيها التخفيف‏.‏ يقال‏:‏ نويت نية ونواة، وأنويت كنويت؛ حكاهما الزجاج في فعلت وأفعلتُ وانتويت كذلك؛ حكاها الجوهري؛ وهي في اللغة‏:‏ القصد؛ وهو عزم القلب على الشيء‏.‏ وفي الشرع‏:‏ العزم على فعل الشيء تقرباً إلى الله تعالى‏.‏

«ينوي الصلاة بعينها» يعني‏:‏ ظهراً أو عصراً أو نحو ذلك‏.‏

باب صفة الصلاة

«ثم يقول الله أكبر» «يقول» بالرفع على الاستئناف؛ لأنه لو نصب لكان معطوفاً على المستون؛ والتكبير‏:‏ ركن‏.‏ ويجوز النصب على أن الجميع على هذه الصفة مسنون؛ كما قال‏:‏ السنة في التيمم‏:‏ أن ينوي ويسمي ويضرب؛ أي‏:‏ التيمم على هذه الصفة مسنون‏.‏

«الله أكبر» قال ابن سيدة‏:‏ حمله سيبويه على الحذف، أي‏:‏ أكبر من كل شيء، وقيل‏:‏ أكبر من أن ينسب إليه ما لا يليق بوحدانيته، وقال الأزهري‏:‏ قيل أكبر كبيرٍ، كقولك‏:‏ هو أعز عزيز‏.‏ ومنه قول الفرزدق‏:‏

إنَّ الذي سَمَك السماء بنى لنا

بيتاً دعائمه أعزُّ وأطولُ

أراد‏:‏ دعائمه أعز عزيز، وأطول طويل‏.‏ آخر كلامه‏.‏ و«أكبر» أفعل تفضيل، وهو لا يستعمل مجرداً من الألف واللام إلا مضافاً، أو موصولاً بـ«من» لفظاً أو تقديراً، فلا يجزىء أن يقال‏:‏ الله الأكبر، أن الألف واللام لا تجامع الإضافة ولا «من»‏.‏

«منكبيه» واحدها منكب‏.‏ قال الجوهري‏:‏ المنكب‏:‏ مجمع عظم العضد والكتف‏.‏

«إلى فروع أذنيه» فروع جمع فرع، وهو أعلى الأذن‏.‏ قال الجوهري‏:‏ فرع كل شيء‏:‏ أعلاه، وجمعه فروع‏.‏

«ثم يقول‏:‏ سبحانك الله وبحمدك» سبحانك‏:‏ اسم مصدر من قولك‏:‏ سبَّحت الله تسبيحاً، أي‏:‏ نزَّهته من النقائص، وما لا يليق بجلاله، وهو منصوب بفعل مقدر لا يجوز إظهاره، ولا يستعمل إلا مضافاً، وقد جاء غير مضاف في الضرورة‏.‏ فأما الواو في «وبحمدك» فقال المازني‏:‏ المعنى‏:‏ سبحتك اللهم بجميع آلائك، وبحمدك سبحتك، أي‏:‏ وبنعمتك التي نعمة توجب عليَّ حمداً سبحتك، لا بحولي وقوتي‏.‏ وسئل أبو العباس ثعلب عن قوله «وبحمدك» فقال‏:‏ أراد‏:‏ سبحتك بحمدك، قال أبو عمر‏:‏ كأنه يذهب إلى أن الواو صلة‏.‏

«وتبارك اسمك» «تبارك»‏:‏ فعل لا يتصرف، فلا يستعمل منه غير الماضي، ومعناه‏:‏ دام ودام خيره‏.‏ وقال العزيزي في «غريب القرآن»‏:‏ تبارك‏:‏ تفاعل من البركة، وهي الزيادة والنماء والكثرة والاتساع، أي‏:‏ البركة تكتسب وتنال بذكرك‏.‏ ويقال‏:‏ تبارك‏:‏ تقدس‏.‏ والقدس‏:‏ الطهارة‏.‏ ويقال‏:‏ تبارك‏:‏ تعاظم‏.‏ آخر كلامه‏.‏

«وتعالى جدك» جدُّك، بفتح الجيم، قال ابن الأنباري في كتاب «الزاهر» له، أي‏:‏ علا جلالُك، وارتفعت عظمتك، وأنشد‏:‏

ترفع جَدُّك إني امرؤ

سقتني الأعادي إليك السِّجالا

وقال الخطابي‏:‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وأنه تعالى جَدُّ ربِّنا‏}‏ معناه‏:‏ الجلال والعظمة، وسيذكر في دعاء القنوت إن شاء الله تعالى‏.‏

«ولا إله غيرك» قال ابن الأنباري في «الزاهر» أيضاً‏:‏ في إعرابه أربعة أوجه‏:‏ لا إلهُ غيرُك برفعهما، وبناء الأول على الفتح مع نصب الثاني ورفعه، والرابع‏:‏ رفع «إله» ونصب «غيرك» لوقوعه موقع أداة الاستثناء‏.‏

«أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» أعوذ بالله، أي‏:‏ ألجأ إليه وأعتصم به، قال أبو عثمان في «الأفعال» عاذ الله عوذاً وعياذاً وأعاذ‏:‏ لجأ إليه‏.‏ «والشيطان» قال الواحدي‏:‏ هو كل متمرِّدٍ عاتٍ من الجن والإنس، قال الله تعالى ‏{‏شياطين الإنس والجن‏}‏ قال الليث‏:‏ الشيطان من‏:‏ شطن، أي‏:‏ بعد، لبعده من الخير، وقيل‏:‏ مشتق من‏:‏ شاط يشيط‏:‏ إذا هلك واحترق‏.‏ و«الرجيم» قال أبو البقاء في إعرابه‏:‏ هو فعيل بمعنى مفعول، أي‏:‏ مرجوم بالطرد واللعن‏.‏ وقيل‏:‏ هو فعيل بمعنى فاعل، أي‏:‏ يرجم غيره بالإغواء‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم» الباء‏:‏ متعلق بمحذوف، تقديره‏:‏ أبدأ بسم الله، أو أتبرَّك‏.‏ وأسقطت الألف من الاسم طلباً للخفة، لكثرة الاستعمال، وقيل‏:‏ لما أسقطوا الألف، ردوا طولها على الباء، ليكون دالاً على سقوط الألف‏.‏ وذكر أبو البقاء في الاسم خمس لغات، اسم، وأْسم، بكسر الهمزة وضمها‏.‏ وسِم، وسُم، بكسر السين وضمها، وسُمىً كهُدىً‏.‏ وفي معناه ثلاثة أوجه، أحدها‏:‏ أنه بمعى التسمية‏.‏ والثاني‏:‏ أن في الكلام حذف مضاف تقديره‏:‏ باسم مسمَّى الله، والثالث‏:‏ إن «اسم» زيادة، ومن ذلك قول الشاعر‏:‏

إلى الحولِ ثُمَّ اسمُ السلام عليكما

ومن يَبْكِ حَوْلاً كامِلاً فقد اعتذر

أي‏:‏ السلام عليكما‏.‏

و«الرحمن الرحيم»‏.‏ قال أبو البقاء‏:‏ يجوز نصبهما على إضمار «أعني» ورفعهما على تقدير‏:‏ هو‏.‏ واختلفوا فيهما‏.‏ فقيل‏:‏ هما بمعنىً واحدٍ، كندمانٍ ونديمٍ، ذكر أحدهما بعد الآخر تطميعاً لقلوب الراغبين، وقيل‏:‏ هما بمعنيين، فالرحمن بمعنى الرازق للخلق في الدنيا على العموم، والرحيم بمعنى العافي عنهم في الآخرة، وهو خاص بالمؤمنين، ولذلك قيل‏:‏ يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة‏.‏ ولذلك يدعى غير الله تعالى رحيماً، ولا يُدعى رحماناً، فالرحمن عام المعنى خاص اللفظ‏.‏ والرحيم‏:‏ عام اللفظ خاص المعنى‏.‏

«ولا يجهر بشيء من ذلك» يجهر بفتح الياء ويجوز ضمها، يقال‏:‏ جهر بالفراءة وأجهر بها‏:‏ إذا أعلنها‏.‏

«وليست من الفاتحة» الفاتحة لها ثلاثة أسماء مشهورة‏.‏ فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع الثاني‏.‏ سميت فاتحة الكتاب، لافتتاح الكتاب بها، وأم القرآن، لأن منها بدىء بالقرآن، ويقال لمكة‏:‏ أم القرى، لأن الأرض دُحيت من تحتها، وقيل‏:‏ لأنها مقدمة وإمام لما يتلوها من السور، ويُبدأ بكتابتها في المصاحف، ويقرأ بها في الصلاة‏.‏ والسبع الثاني، لأنها تثنَّى في الصلاة، فيُقرأ بها في كل ركعة‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ لأن الله تعالى ثناها لهذه الأمة فذخرها لهم‏.‏ وهي مكية عند الأكثرين، وقال مجاهد‏:‏ مدنية، وقيل‏:‏ نزلت مرتين، مرة بمكة، ومرة بالمدينة، والصحيح الأول، لأن الله تعالى امتنَّ على رسوله بقوله ‏{‏ولقد آتيناك سبعاً من المثاني‏}‏‏.‏ وسورة ‏(‏الحجر‏)‏ مكية، فلم يكن ليمتن عليه بها قبل نزولها‏.‏

«لزمه استئنافها» أي‏:‏ ابتداؤها‏.‏

«قال آمين» آمين‏:‏ فيها لغتان مشهورتان، قصر الألف ومدُّها، وحكي عن حمزة والكسائي‏:‏ المد والإمالة‏.‏ وحكى القاضي عياض وغيره لغة رابعة‏:‏ تشديد الميم مع المد، قال أصحابنا‏:‏ ولا يجوز تشديد الميم مع المد، لأنه يُخل بمعناه فيجعله‏:‏ بمعنى قاصدين، كما قال الله تعالى ‏{‏ولا آمِّين البيت الحرام‏}‏ وقال أبو العباس ثعلب‏:‏ ولا تشدد الميم فإنه خطأ‏.‏ وأما معناه، فقال ابن عباس‏:‏ كذلك يكون‏.‏ وروي عن الليث ومجاهد أنه اسم من أسماء الله تعالى، وقال الزجاج‏:‏ معناه‏:‏ اللهم استجب‏.‏

«أن تيرجم عنه» قال الجوهري‏:‏ وقد ترجم كلامه‏:‏ إذا فسره بلسانٍ آخر‏.‏

«من طوال المفصل» طِوال بكسر الطاء لا غير‏:‏ جمع طويل، وطُوال بضم الطاء‏:‏ الرجل الطويل، وطَوال بفتحها‏:‏ المُدَّة، ذكره أبو عبد الله بن مالك في «مثلثه»، وذكره غيره‏.‏ و«المفصل» للعلماء أوَّله أربعة أقوال أحدها‏:‏ أنه من أول ‏(‏ق‏)‏‏.‏ والثاني‏:‏ أنه من أول ‏(‏الحجرات‏)‏ والثالث‏:‏ من أول ‏(‏الفتح‏)‏، والرابع‏:‏ من أول ‏(‏القتال‏)‏، والصحيح الأول، لما روى أبو داود في «سننه» عن أوس بن حذيفة قال‏:‏ سألت أصحاب رسول الله ‏:‏ كيف يُحزّبون القرآن‏؟‏ قالوا‏:‏ ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده‏.‏ ورواه الإمام أحمد والطبراني، وفي آخره «وحزب المفصَّل من ‏(‏ق‏)‏ حتى تختم» وفي تسميته بالمفضل، أربعة أقوال‏.‏ أحدها‏:‏ لفصل بعضه عن بعض‏.‏ والثاني‏:‏ لكثرة الفصل بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم، والثالث‏:‏ لأحكامه‏.‏ والرابع‏:‏ لقلة المنسوخ فيه‏.‏

«وفي المغرب من قصاره» قصاره بكسر القاف جمع قصيرة، ككريمة وكرامٍ/

«وفي الباقي من أوساطه» أوساط‏:‏ جمع وسط، بتحريك السين بين القصار والطوال، قال الجوهري‏:‏ شيء وسط‏:‏ بين الجيِّد والرديء، وقال الواحدي‏:‏ الوسط‏:‏ اسم لما بين طرفي الشيء‏.‏

«ويركع مكبراً» قال ابن الأنباري‏:‏ الركوع في اللغة‏:‏ الانحناء، يقال‏:‏ ركع الشيخ‏:‏ إذا نحنى من الكبر‏.‏ قال لبيد‏:‏

أليس ورائي إن تراخت مَنيَّتي

لُزومُ العصا تُحْنَى عليها الأصابعُ

أخبرِّ أخبارَ القرونِ التي مضت

أدِبُّ كأني كلَّما قمتُ راكِعُ

«حيال ظهره»، أي‏:‏ بإزائه وقبالته‏.‏

«ويجافي موفقيه عن جنبيه» أي‏:‏ يباعدهما، وهو من الجفاء، وهو البعد عن الشيء، يقال‏:‏ جفاه‏:‏ إذا بعد عنه، وأجفاه‏:‏ إذا أبعده، وكذلك المجافاة في السجود‏:‏ مباعدة العضدين عن الجنبين، والبطن عن الفخذين‏.‏

«وهو أدنى الكمال» قال الجوهري‏:‏ الكمال‏:‏ التمام‏.‏ قال الإمام أحمد في رسالته‏:‏ جاء عن الحسن البصري أنه قال‏:‏ التسبيح التام سبع، والوسط خمس، وأدناه ثلاث‏.‏ وقال القاضي‏:‏ الكامل إن كان منفرداً‏:‏ ما لا يخرجه إلى السهو، وإن كان إماماً‏:‏ ما لا يشق على المأمومين، ويحتمل أن يكون الكامل عشر تسبيحات، وقال أبو عبد الله السامري‏:‏ ولا حد لأكثر الكامل ما لم يخف السهو بالإطالة، أو يشق على المأمومين‏.‏

«سمع الله لمن حمده» لفظه خبر، ومعناه‏:‏ الدعاء بالاستجابة‏.‏ قال الخطابي‏:‏ معنى سمع‏:‏ استجاب، قال‏:‏ قد يحتمل أن يكون دعاء من الإمام للمأمومين، لأنهم يقولون‏:‏ ربنا لك الحمد‏.‏ وعلى مذهب أكثر العلماء في جمع الإمام والمأموم بين كلمتين، فتشيع الدعوة من كلا الطائفتين لنفسه ولأصحابه‏.‏ آخر كلامه‏.‏

«ربنا ولك الحمد» صحت الرواية بإثبات الواو ودونها، فكلاهما مجزىء، إلا أن الأفضل بالواو‏.‏ وقال القاضي عياض‏:‏ بإثبات الواو‏.‏ ويجمع معنيين، الدعاء، والاعتراف، أي‏:‏ ربنا استجب لنا، ولك الحمد على هدايتك إيانا‏.‏ ويوافق قول من قال‏:‏ سمع الله لمن حمده، بمعنى الدعاء‏.‏ وعلى حذف الواو يكون بالحمد مجرداً، ويوافق قول من قال‏:‏ سمع الله لمن حمده، خبر‏.‏

«ملء السماء وملء الأرض» قال الخطابي‏:‏ هذا كلام تمثيل وتقريب، والكلام لا يقدر بالمكابيل، ولا تحشى به الظروف، ولا تسعه الأوعية، وإنما المراد‏:‏ تكثير العدد، حتى لو قدر أن تكون تلك الكلمات أجساماً تملأ الأماكن، لبلغت من كثرتها ما يملأ السموات والأرضين‏.‏ قال‏:‏ وقد يحتمل أيضاً أن يكون المراد به‏:‏ أجرها وثوابها، ويحتمل أن يراد به التعظيم لها، والتفخيم لشأنها، كما يقول القائل‏:‏ تكلم فلان اليوم بكلمة كأنها جبل، وحلَف بيمين كالسموات والأرضين، كما يقال‏:‏ هذه الكلمة تملأ طباق الأرض، أي‏:‏ إنها تسير وتنتشر في الأرض، كما قالوا‏:‏ كلمة تملأ الفم وتملأ السمع‏.‏ ونحوها من الكلام‏.‏ والملء، بكسر الميم، وبفتحها‏:‏ المصدر من قولك‏:‏ ملأت الإناء أملؤه ملأً‏.‏ آخر كلام الخطابي‏.‏ والمشهور في الرواية‏:‏ ملء بالنصب، ووجهه‏:‏ أنه صفة لمصدر محذوف، كأنه قال‏:‏ لك الحمد حمداً ملء السماء، ويجوز الرفع بحيث قال بعض المتأخرين‏:‏ لا يجوز غيره، ووجهه‏:‏ أنه صفة للحمد، أي‏:‏ لك الحمد المالىء، لأن «ملء» وإن كان جامداً، فهو بمعنى المتشق، ويجوز أن يكون عطف بيان‏.‏

«ويخِرُّ ساجداً» قال ابن الأنباري‏:‏ السجود يرد بمعانٍ، منها الانحناء والميل، من قولهم‏:‏ سجدت الدابة وأسجدت‏:‏ إذا خفَضت رأسها لتُركب، ومنها الخشوع والتواضع، ومنها التحية‏.‏ قال الجوهري‏:‏ سجد‏:‏ خضع، ومنه سجود الصلاة‏.‏

«يفرش رجله» بفتح الياء، والمشهور فيه ضم الراء، وذكر القاضي عياض في «المشارق» كسر الراء، ولم يحك الضم‏.‏

«معتمداً على صدور قدميه» قال الجوهري‏:‏ صدر كل شيء‏:‏ أوله، والقدمان ليس لهما سوى صدرين، لكنه جيء به بلفظ الجمع، لأن كل مثنَّى معنى مضاف إلى متضمنه، يختار فيه لفظ الجمع على لفظ الأفراد، ولفظ الأفراد على لفظ التثنية، مثال الأول قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فقد صغت قلوبكما‏}‏ ومثال الثاني قول الشاعر‏:‏

حمامةٍ بَطنٍ الواديَيْنِ ترنّمي

سقاكِ من الغرِّ الغوادي مطيرُها

ومثال الثالث قول الآخر‏:‏

وَمَهْمَهَينِ قذَفَيْنِ مرتَين‏:‏

ظهراهُما مثل ظُهورِ التُّرسُّين

المهمه‏:‏ المفازة البعيدة‏.‏ والقذف‏:‏ البعيد‏:‏ والمرت‏:‏ الذي لا نبات فيه‏.‏

«فيعتمد» بضم الدال على الاستئناف‏.‏

«جَلسة الاستراحة» بفتح الجيم، لأنها مرة من الجلوس، ويجوز كسر الجيم بتقدير إرادة الهيئة، لأن فيها قدراً زائداً على الجلسة، وذلك هو الهيئة‏.‏

«على قدميه وألبتيه» القدم‏:‏ مؤنثة وهي معروفة، وقال الجوهري‏:‏ الألية بالفتح‏:‏ ألية الشاة، ولا تقل‏:‏ إلية ولا ليَّة، فإذا ثنيت قلت‏:‏ أليان، فلا تلحقه التاء، وقال‏:‏ الراجز ترتج ألياه ارتجاج الوطب‏.‏

وقال القاضي عياض في «المشارق» في حديث الملاعنة «سابغ الأليتين» بفتح الهمزة، وسكون اللام، وهما اللحمتان المؤخرتان اللتان تكتنفان مخرج الحيوان، وهما من ابن آدم المقعدتان، وجمعهما أليَات بفتح اللام‏.‏

«إلا في تكبيرة الإحرام والاستفتاح» تكبيرة الإحرام‏:‏ هي التكبيرة التي يدخل بها في الصلاة، سميت بذلك، لأنه يحرم عليه بها ما كان حلالاً من مفسدات الصلاة، كالأكل والكلام ونحو ذلك‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وأحرم الرجل‏:‏ إذا دخل في حرمة لا تُهتك‏.‏ والاستفتاح‏:‏ مصدر استفتح، والمراد به هاهنا‏:‏ الذكر قبل الاستعاذة من «سبحانك اللهم وبحمدك» ونحوه‏.‏

«على فخذه اليمنى» الفخذ‏:‏ مؤنثة، وهي بفتح الفاء وكسر الخاء، ويجوز فيها كسر الفاء كالإبل، ويجوز إسكان الخاء مع فتح الفاء وكسرها‏.‏ قال ابن سيده وغيره من أهل اللغة‏:‏ وهذه اللغات الأربع جارية في كل اسم أو فعل ثلاثيّ عينه حرف حلق مكسور، كشهد‏.‏ وحروف الحلق ستة، العين والحاء، والهاء والخاء، والغين والهمزة‏.‏ ولا تجوز اللغات الأربع فيما لأمه حرف حلق، كبلَغ وسمع ونحوهما‏.‏

«يقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى» الخنصر، بكسر الخاء والصاد‏:‏ الأصبع الصغرى، وجمعها خناصر‏.‏ والبنصر، بكسر الباء والصاد‏:‏ الإصبع التي تلي الخنصر، وجمعها‏:‏ بناصر‏.‏ والإبهام بوزن الإسلام‏.‏ قال الجوهري‏:‏ والإبهام‏:‏ الأصبع العظمى، وهي مؤنثة، وجمعها‏:‏ أباهيم‏.‏ ويحلق الإبهام مع الوسطى‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ فجمع بين طرفيهما فكى بهما الحلقة‏.‏

«ويشير بالسبابة» قال القاضي‏:‏ السبابة‏:‏ الإصبع التي تلي الإبهام، وهي المسبّحة أيضاً‏.‏ قيل‏:‏ سُمَّيت السبابة، لأنهم كانوا يشيرون بها إلى السب والمخاصمة‏.‏

«التحيات لله» التحيات جمع تحية‏.‏ روي عن ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما‏:‏ التحية‏:‏ العظمة، وقال أبو عمرو‏:‏ التحية‏:‏ الملك، وقال ابن الأنباري‏:‏ التحيات‏:‏ السلام، وقال بعض أهل اللغة‏:‏ البقاء‏.‏ وحكى الأربعة المصنف رحمه الله في «المغني» وقيل‏:‏ السلامة من الآفات‏.‏ قال أبو السعادات‏:‏ وإنما جمع التحية، لأن ملوك الأرض يُحيَّون بتحيات مختلفة، فيقال لبعضهم‏:‏ أبيت اللعن، ولبعضهم‏:‏ أنعم صباحاً، ولبعضهم‏:‏ اسلم كثيراً، ولبعضهم‏:‏ عش ألف سنة‏.‏ فقيل للمسلمين‏:‏ قولوا‏:‏ التحيات لله، أي‏:‏ الألفاظ التي تدل على السلام والملك والبقاء، هي لله عز وجل‏.‏

«والصلوات» هي الصلوات الخمس عن ابن عباس‏.‏ وقال عياض في «المشارق»‏:‏ والصلوات لله‏:‏ قيل‏:‏ الرحمة له، ومنه، أي‏:‏ هو المتفضل بها، وقيل‏:‏ الصلوات المعلومة في الشرع، أي‏:‏ هو المعبود بها‏.‏ وقال الأزهري‏:‏ هي العبادات كلها، وقيل‏:‏ هي الأدعية‏.‏

«والطيبات» هي الأعمال الصالحة عن ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما، وقال ابن الأنباري‏:‏ الطيبات من الكلام، حكاهما في «المغني»‏.‏

«السلام عليك» قال الأزهري فيه قولان، أحدهما‏:‏ اسم السلام، ومعناه‏:‏ اسم الله عليك، ومنه قول لبيد‏:‏

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

ومَن يَبكِ حوْلاً كامِلاً فقد اعتذَرْ

والثاني‏:‏ أن معناه‏:‏ سلَّم الله عليك تسليماً وسلاماً، ومن سلم الله عليه، سلم من الآفات كلها‏.‏

«أيها النبي» قال القاضي عياض‏:‏ النبيء مهموز، ولا يُهمز، من جعله من «النبأ» همزه، لأنه ينبىء الناس، أو لأنه يُنبَّأ هو بالوحي، ومن لم يهمُز إمَّا سهله، وإما أخذه من النبوة‏:‏ وهي الارتفاع، لرفعة منازلهم على الخلق‏.‏ وقيل‏:‏ هو مأخوذ من النبيء الذي هو الطريق، لأنهم هم الطرق إلى الله تعالى‏.‏

«وبركاته» جمع بركة، قال الجوهري‏:‏ البركة‏:‏ النماء والزيادة، وكذلك نقل القاضي عياض وغيره‏.‏

«وعلى عباد الله الصالحين» عباد‏:‏ جمع عبدٍ وله أحد عشر وجهاً جمعها شيخنا أبو عبد الله بن مالك رحمه الله في هذين البيتين‏:‏

عبادٌ عبيدٌ جمع عبدٍ وأعبُدٌ

أعابد معبوداء معبدَةٌ عبد

كذلك عِبدانٌ وعُبدان أثبتا

كذاك العبدَّى وامدد إن شئت أن تمد

وقال أبو علي الدقاق‏:‏ ليس شيء أشرف، ولا اسم أتم للمؤمن من الوصف بها‏.‏ و«الصالحين» جمع صالح قال صاحب «المشارق» وغيره‏:‏ الصالح‏:‏ وهو القائم بما عليه من حقوق الله تعالى، وحقوق العباد‏.‏

«أشهد أن لا إله إلا الله» قال الجوهري‏:‏ الشهادة خبر قاطع، والمشاهدة‏:‏ المعاينة، فقول الموحد «أشهد أن لا إله إلا الله» بمعنى‏:‏ أخبر بأني قاطع بالوحدانية، فالقطع من فعل القلب، واللسان مخبر عن ذلك‏.‏ و«الله» مرفوع على البدل من موضع «لا إله» لأن موضع «لا» مع اسمها رفع بالابتداء ولا يجوز نصبه حملاً على إبداله من اسم «لا» المنصوب، لأن «لا» لا تعمل النصب إلا في نكرة منفية و«الله» معرّف مثبت‏.‏ وهذه الكلمة وإن كان ابتداؤها نفياً، فالمراد غاية الإثبات، ونهاية التحقيق، فإن قول القائل‏:‏ لا أخُّ لي سواك، ولا معين لي غيرُك آكد من قوله‏:‏ أنت أخي، وأنت معيني‏.‏ ومن خواصها أن حروفها كلها مهملة ليس فيها حرف معجم تنبيهاً على التجرد من كل معبود سوى الله تعالى، ومن خواصها أن جميع حروفها جوفية، ليس فيها شيء من الشفوية، وقد روي عن النبي أنه قال‏:‏ «أفضل الذكر لا إله إلا الله»‏.‏

«هذا التشهد الأول» سمي التشهد تشهيداً، لأن فيه شهادة أن لا إله إلا الله» وهو تفعل من الشهادة‏.‏

«وعلى آل إبراهيم» إبراهيم‏:‏ فيه ست لغات‏:‏ إبراهيم، وإبراهام، وإبرهوم وإبرَهِم، وإبرَهَم وإبرَهُم‏.‏ وقد نظمها أبو عبد الله ابن مالك فقال‏:‏

تثليثهم هاء إبراهيم صح بمد

أو بقصر ووجها الضم قد عُرفا

وجمعه‏:‏ أباره وبراهُم وبراهمه‏.‏ قال الماوردي‏:‏ معناه بالسريانية‏:‏ أب رحيم‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وتصغيره‏:‏ أبيره، لأن الألف أصل غير زائدة، وكذلك إسماعيل وإسرافيل‏.‏ وهذا قول المبرد، وبعضهم يتوهم أن الهمزة زائدة، إذا كان الاسم أعجمياً لا يُعلم اشتقاقه، فيصغره على بُريهم، وسُميعل، وسُريفل، وهذا قول سيبويه، وهو حسن، والأول قياس‏.‏ ومنهم من يقول‏:‏ بُريه، بطرح الهمزة والميم‏.‏

«ثم يقول‏:‏ اللهم صل» قد تقدم معنى الصلاة والآل في الخطبة فلا يعاد، و«اللهم»‏:‏ أصله‏:‏ يا الله، حذف حرف النداء، وعوض عنه بالميم‏.‏

«إنك حميد مجيد» قال الخطابي‏:‏ الحميد‏:‏ هو المحمود الذي استحق الحمد بفعاله، وهو فعيل بمعنى‏:‏ مفعول وهو الذي يُحمد في السراء والضراء، والشدة والرخاء، لأنه حكيم لا يجري في أفعاله غلط، ولا يعترضه الخطأ، فهو محمود على كل حال، وقال الخطابي أيضاً‏:‏ المجيد هو الواسع الكرم، وأصل «المجد» في كلامهم‏:‏ السعة، يقال‏:‏ رجل ماجد إذا كان سخياً، واسع العطاء‏.‏ وقيل في تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والقرآن المجيد‏}‏ معناه‏:‏ الكريم‏.‏ وقيل‏:‏ الشريف‏.‏ وقال القاضي عياض‏:‏ المجيد‏:‏ العظيم، وقيل‏:‏ المقتدر على الأنعام والفضل‏.‏

«من عذاب حهنم» «جهنم» لا تنصرف للمعرفة والتأنيث، قاله الجوهري، وقال‏:‏ هي من أسماء النار التي يعذب الله بها عباده، ويقال‏:‏ هو فارسي معرب‏.‏ وقال ابن الجواليقي‏:‏ وقيل‏:‏ إنه عربي‏.‏

«ومن فتنة المحيا والممات» أصل الفتنة‏:‏ الاختبار، ثم استعملت فيما أخرجه الاختبار إلى المكروه، ثم استعملت في المكروه، فجاءت بمعنى الكفر في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والفتنة أكبر من القتل‏}‏ وبمعنى الاثم، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ألا في الفتنة سقطوا‏}‏ وبمعنى الاحراق، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات‏}‏ ومنه‏:‏ «أعوذ بك من فتنة النار»‏.‏ وبمعنى الأزلة والصرف، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن كانوا ليفتنونك‏}‏ والمحيا والممات‏:‏ مفعل، من الحياة والموت، تقع على المصدر والزمان والمكان‏.‏ وفتنة المحيا كثيرة، وفتنة الممات‏:‏ فتنة القبر، وقيل‏:‏ عند الاحتضار، والجمع بين فتنة المحيا والممات، وفتنة الدجال، وعذاب القبر، من باب ذكر الخاص مع العام، ونظائرهُ كثيرة‏.‏

«ومن فتنة المسيح الجال» المسيح اثنان‏:‏ يعني الله عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ والدجال، ولم يختلف في ضبط المسيح عيسى على ما هو في القرآن، وإنما اختلف في معناه، فقيل‏:‏ سمي مسيحاً، لمسحة الأرض، فعيل بمعنى فاعل‏.‏ وقيل‏:‏ لأنه كان إذا مسح ذا عاهة برىء من دائه، وقيل‏:‏ لأنه كان ممسوح القدم لا أخمص له، وقيل‏:‏ لأن الله تعالى مسحه، أي‏:‏ خلقه خلقاً حسناً، والمسحة‏:‏ الجمال والحسن، وقيل لأن زكريا مسحه عند ولادته، وقيل‏:‏ لأنه خرج ممسوحاً بالدهن، وقيل‏:‏ بل المسيح بمعنى‏:‏ الصديق‏.‏ وأما الدجال فهو مثل المسيح عيسى في اللفظ عن عامة أهل المعرفة والرواية، وعن أبي مروان سراج وغيره وكسر الميم مع تشديد الشين، وأنكره الهروي، وجعله تصحيفاً‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ كسر الميم للتفرقة بينه وبين عيسى ـ عليه السلام ـ‏.‏ وقال الحربي‏:‏ بعضهم يكسرها في الدجال ويفتحها، وكل سواء، وقال أبو الهيثم‏:‏ والمسيح بالحاء المهملة‏:‏ ضد المسيخ بالخاء المعجمة، مسحه الله إذا خلقه خلقاً حسناً، ومسخ الدجال إذا خلقه ملعوناً‏.‏ وقال أبو عبيد‏:‏ المسيح‏:‏ المسموح العين، وبه سمي الدجال‏.‏ وقال غيره‏:‏ لمسحه الأرض فهو بمعنى فاعل، وقيل‏:‏ المسيح‏:‏ الأعور، وبه سمي الدجال، وقيل‏:‏ أصله فيهما فعرب‏.‏ وعلى هذا اللفظ ينطق به العبرانيون، والدجال سمي دجالاً من الدجل، وهو طلي البعير بالقطران، فسمي بذلك لتمويهه بباطله، وقيل‏:‏ من التغطية، ويقال‏:‏ الدجال في اللغة‏:‏ الكذاب، وقيل‏:‏ سمي بذلم لضربه نواحي الأرض وقطعه لها‏.‏ ودجَلَ ودجَّلَ‏:‏ إذا فعل ذلك، كله عن القاضي عياض رحمه الله تعالى‏.‏

«وإن دعا بما ورد في الأخبار فلا بأس» الأخبار‏:‏ جمع خبر، قال المصنف رحمه الله في «المغني» الخرقي‏:‏ بما ذكر في الأخبار، يعني‏:‏ أخبار النبي وأصحابه والسلف‏.‏

«السلام عليكم ورحمة الله» تقدم ذكر السلام‏.‏ فإن قال‏:‏ سلام عليكم، منكَّراً، أجزأه في أحد الوجهين، فإن نكسه فقال‏:‏ عليكم السلام، لم يجزه، وقال القاضي‏:‏ فيه وجه أنه يجزئه‏.‏

«وعن يساره» اليسار، بفتح الياء، ويجوز كسرها؛ والأول أفصح‏.‏ قال العريزي في آخر «غريب القرآن» له‏:‏ قيل‏:‏ ليس في كلام العرب كلمة أولها ياء مكسورة إلا يسار‏.‏ ويسار ليد، ويقال‏:‏ يعار، من قولهم‏:‏ يعر الجدي‏:‏ إذا صاح‏.‏

«أو رباعيَّة» أي‏:‏ أربع ركعات، وهي الظهر والعصر والعشاء، بتشديد الياء، نسبة إلى رُباع المعدول عن أربعة، كثلاث، تقول في المذكّر‏:‏ رباعي، وفي المؤنث‏:‏ رباعية‏.‏

«متوركاً» هو متفعل من الوَرِك، قال الجوهري‏:‏ والتورك على اليمنى‏:‏ وضع الوَرِك في الصلاة على الرجل اليمنى، والوَرِك‏:‏ ما فوق الفخذ، وهي مؤنثة، وقد تخفف، مثل فخذٍ وفخِذ، وزاد القاضي عياض لغة ثالثة، وهي كسر الواو مع سكون الراء على وزن وِزْر‏.‏

«وتجلس معربَّعة» التربع‏:‏ هو الجلوس المعروف، وهو اسم فاعل مؤنث من تربع‏.‏ وتربع مطاوع‏:‏ ربع، لأن صاحب هذه الجلسة قد ربع نفسه، كما يربَع الشيء إذا جعل أربعاً، والأربع هنا‏:‏ الساقان والفخذان، ربعها بمعنى‏:‏ أدخل بعضها تحت بعض‏.‏

«أو تسدل رجليها» بفتح التاء مع ضم الدال وكسرها، وبضم التاء مع كسر الدال، ثلاث لغات في المضارع، وفي الماضي لغتان‏:‏ سدل، وأسدل، والأول أكثر وأشهر، كل ذلك عن ابن سيده في «المحكم» ومعناه‏:‏ تسدلهما‏.‏

«وافتراش الذراعين» الإقعاء‏:‏ مصدر أقعي يُقعي أقعاءً، قال الجوهري‏:‏ أقعى الكلب‏:‏ إذا جلس على استه مفترشاً رجليه وناصباً يديه، وقد جاء النهى عن الإقعاء في الصلاة، وهو أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين، هذا تفسير الفقهاء‏.‏ فأما أهل اللغة، فالإقعاء عندهم‏:‏ أن يلصق الرجل أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويتساند إلى ظهره، هذا آخر كلامه‏.‏ وقال القاضي عياض في «المشارق» وهو أن يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه في الأرض، كما يقعي الكلب، قاله أبو عبيد‏.‏ وتفسير الفقهاء‏:‏ أن يضع أليتيه على صدور عقبيه، والقول الأول أولى‏.‏ وقال المصنف رحمه الله في «المغني»‏:‏ هو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه، بهذا وصفه الإمام أحمد‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ هذا قول أهل الحديث‏.‏ والإقعاء عند العرب‏:‏ جلوس الرجل على أليتيه ناصباً فخذيه، مثل إقعاء الكلب والسبع، ولا أعلم أحداً قال بالاستحباب على هذه الصفة‏.‏

«وهو حاقن» يقال‏:‏ حقن فلان بوله، فهو حاقن، إذا حبسه، ويقال‏:‏ أحقنه، فهو محقنٌ وأنكره الكسائي‏.‏ والحاقب‏:‏ الذي احتبَس غائطه‏.‏ وفي معناها في الكراهة من به ريحٌ محتبسةٌ‏.‏

«بحضرة طعام» قال الجوهري‏:‏ بحضرة فلان، أي‏:‏ بمشهد منه‏.‏ وحكى يعقوب في «الإصلاح»‏:‏ فيه ثلاث لغات‏:‏ فتح الحاء، وضمها، وكسرها‏.‏

«تتوق نفسه» قال الجوهري‏:‏ تاقت نفسي إلى الشيء، توقاً، وتوقاناً‏.‏ يقال‏:‏ المرء توَّاقٌ إلى ما لم ينل‏.‏

«ويكره النخصر» التخصر‏:‏ وضع يده على خاصرته، نص على ذلك المصنف رحمه الله وغير المصنف‏.‏

«والتروُّح وفرقعة الأصابع وتشبيكها» التروُّح‏:‏ تفَعُّلٌ من الريح‏:‏ والريح، أصله الواو، كقولهم‏:‏ أروحَ الماء، وجمعها على أرواح‏.‏ قال الجوهري‏:‏ يقال‏:‏ تروَّحت بالمروحَة‏.‏ والمراد هنا، أن يروح المصلي على نفسه بمروحةٍ أو خِرقةٍ أو غير ذلك، وقرقعةُ الأصابع، قال الجوهري‏:‏ الفرقعة‏:‏ تنقيضُ الأصابع وقد فرقعتها فتفرقعَتْ، قال الحافظُ أبو الفرج‏:‏ ونهى ابن عباس عن التفقيع في الصلاة وهي الفرقعة‏.‏ وتشبيك الأصابع‏:‏ ادخالُ بعضها في بعض‏.‏

«وعدُّ الآي» قال الجوهري‏:‏ جمع الآية‏:‏ آي، وآياتٌ‏.‏ والآيةُ‏:‏ العلامةُ، أصله أويَةٌ بالتحريكِ‏.‏ قال سيبويه‏:‏ موضع العين من الآية واوٌ، لأنَّ ما كان موضعَ العين منه واواً اللام ياءً أكثر ممّا موضع العين واللام منه ياءآن‏.‏ وقال الفراء‏:‏ هي من الفعل فاعلة وإنما ذهبت منه اللامُ، ولو جاءت تامةً لجاءت آيِيَةً‏.‏ وقال صاحب «المشارق»‏:‏ وآيات الساعة‏:‏ علاماتها، وكذلك آياتُ القرآن سُمِّيت بذلك، لأنَّها علامةٌ على تمام الكلامِ، وقيلَ‏:‏ لأنَّها جماعةٌ من كلمات القرآن‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ ومعنى الآية من كتاب الله، أي‏:‏ جماعةُ حروفٍ‏.‏

«وقتل الحية والعقرب والقملة» الحيةُ‏:‏ تكونُ للذكر والأنثى وإنما دخلته الهاءُ، لأنَّه واحد من جنسٍ، كبطةٍ، ودجاجةٍ، على أنه قد رُوي عن العرب‏:‏ رأيتُ حيّاً على حيَّةٍ‏.‏ والحيُّوت‏:‏ ذكرُ الحيَّات‏.‏ والعقرب‏:‏ واحدة العقارب وهي تُؤنَّثُ‏.‏ والأنثى‏:‏ عقربةٌ، وعقْرباءُ، ممدودٌ غيرُ مصروف‏.‏ والذكر‏:‏ عُقْربانٌ، والعُقْربان أيضاً‏:‏ دابة لها أرجل طوال‏.‏ والقملة‏:‏ أصغر واحدة القمل معروفةٌ، والقُمَّلُ‏:‏ دُوَيِبَّة من جنس القِردان، إلا أنَّها أصغر منها تركيب البعير عند الهُزالِ‏.‏ كلُّه عن الجوهري‏.‏

«تكرار الفاتحة» تكرار، بفتح التاء‏:‏ مصدر‏:‏ كرر الشيء تكراراً وتكريراً‏.‏

«إذا ارتج عليه» هو من ارتجت الباب ورتجتُه‏:‏ إذا أغلقته‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وارتج على القارىء على ما لم يُسمَّ فاعله‏:‏ إذا لم يقدر الى القراءةِ كأنه أطبقَ عليه كما يرتج الباب، وكذلك ارتيج عليه، ولا تقل‏:‏ ارتج عليه بالتشديد‏.‏

«صفحت ببطن كفها» قال الجوهري‏:‏ التصفيح مثل التصفيق‏.‏ وقال صاحب «المشارق»‏:‏ معناهما متقارب‏.‏ وقيل‏:‏ هما سواء، وقيل‏:‏ التصفيح بالحاء‏:‏ الضرب بظاهر إحداهما على باطن الأخرى، وقيل‏:‏ بل بإصبعين من إحداهما على صفحة الأخرى‏.‏ والتصفيق‏:‏ الضرب بجميع إحدى الصفحتين على الأخرى، كله نقله القاضي عياض‏.‏

«وإن بدره البصاق» البصاق بالصاد والسين والزاي، حكاه الجوهري وغيره، هو معروف، وعند بني العنبر السين تقلب صاداً باطراد، قبل الخاء والغين المعجمتين، والطاء المهملة، والقاف‏.‏ وقد نظمت ذلك في بيتين‏:‏

السين تقلب صاداً عند أربعةٍ

الخاء والغين ثم القاف والطاء

إلى بني العنبر المذكور نسبته

كالسطلِ والصدع تسخير وإسقاء

«إلى سترة مثل آخره الرحل» قال الجوهري‏:‏ السترة‏:‏ ما يستر به كائناً ما كان، وكذلك الستارة‏.‏ وقال‏:‏ في قادمتي الرحل ست لغات‏:‏ مُقدمٌ ومُقدِمةٌ ومقدَّمٌ ومقدَّمةٌ بفتح الدال مشددة، وقادمٌ وقادِمةٌ، وكذلك هذه اللغات كلها في آخرة الرحل‏.‏ وقال صاحب «المشارق»‏:‏ آخرة الرحل ممدوداً‏:‏ عود في مؤخرة، وهو ضد قادمته‏.‏ قال الجوهري‏:‏ والرحل‏:‏ رحل البعير، وهو أصغر من القَتَبِ‏.‏

«وإن لم تكن سترة» «تكن» تامةً، و«سترة» بالرفع‏:‏ فاعله‏.‏

«الأسود البهيم» البهيمُ‏:‏ الذي لا يخالط لونه لون آخر، ولا يختص بالأسود، عن الجوهري وغيره‏.‏

«أركان الصلاة» الأركان حمع ركن، قال الجوهري‏:‏ ركن الشيء‏:‏ جانبه الأقوى، والمراد هنا وفي الحج‏:‏ ما يبطل العبادة‏:‏ عمده وسهوه‏.‏

«وتكبيرة الإحرام» سميت بذلك لأن بها حَرُمَ على المصلي ما كان مباحاً له من مفسدات الصلاة، وسنذكر أتم من هذا في أول باب الإحرام إن شاء الله تعالى‏.‏

«والاعتدال عنه» الاعتدال‏:‏ الاستقامةُ‏.‏ قال الجوهري‏:‏ يقال‏:‏ عدّلتهُ فاعتدل، أي‏:‏ قوّمته فاستقام، وكل مثقَّف معتدِل‏.‏

«والطمأنينة» بضم الطاء وبعدها ميم مفتوحةٌ، وبعدها همزةٌ ساكنة، ويجوز تخفيفها بقلبها ألفاً، قال الجوهري‏:‏ اطمأنَّ الرجل اطمئناناً وطمأنينة‏:‏ سكَن، واطبأن‏:‏ مثله على الإبدال‏.‏ وقال المصنف رحمه الله في «المغني» ومعنى الطمأنينة‏:‏ أن يمكثَ إذا بلغَ حدَّ الرُّكوع قليلاً‏.‏

«عمداً» هو مصدرُ عمدتُ للشيء أعمد عمداً، أي‏:‏ تعمدت، وهو نقيض الخطأ، كلُّه عن الجوهري‏.‏

«بطلت صلاته» بطلت، بفتح الباء والطاء، أي‏:‏ فسدت والباطلُ والفاسدُ‏:‏ اسمان لمسمى واحد، وهو ما لم يكن صحيحاً‏.‏ قال المصنّف رحمه الله في «الرَّوضة»‏:‏ فالصحة اعتبار الشرع الشيء في حق حكمه، ويطلق على العبادات مرة، وعلى العقود أخرى، فالصحيح من العبادات ما أجزأ، وأسقط القضاء، ومن العقود‏:‏ كل ما كان سبباً لحكم إذا أفاد حكمه المقصود منه، فهو صحيح، وإلا فهو باطلٌ‏.‏

«والتسميع والتحميد» التسميع‏:‏ مصدر‏:‏ سمَّع‏:‏ إذا قال‏:‏ سمِعَ الله لمن حمده، والتحميد‏:‏ مصدرُ حمَّد‏:‏ إذا قال‏:‏ ربَّنا ولك الحمد، كالتسبيح‏:‏ مصدرٌ من‏:‏ سبَّح‏:‏ إذا قال‏:‏ سبحان الله‏.‏

«الاستفتاح» هو عبارة عن الذكر المشروع بين تكبيرةِ الإحرام والاستعاذة للقراءة من «سبحانك اللهم» أو «وجَّهت وجهي» أو نحوهما، سمي بذلك، لأنه شُرع ليستفتح به في الصلاة‏.‏

«والقُنوت في الوتر» قال الجوهري‏:‏ القنوتُ‏:‏ الطَّاعةُ، هذا هو الأصل، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والقانتين والقانتات‏}‏ ثك سكِّي القيام في الصلاة قنوتاً، ومنه قنوت الوتْر، وقال صاحب «المشارق»‏:‏ القنوت يتصرَّف، يكون دعاء وقياماً، وخشوعاً، وصلاة، وسكوتاً، وطاعة‏.‏ والوتر‏:‏ الفردُ، بكسرِ الواوِ وفتحها، والمرادُ هنا‏:‏ وِتر صلاةِ الليلِ المعروف‏.‏

باب سجود السهو

قال صاحب «المشارق»‏:‏ السهو في الصلاة‏:‏ النسيان فيها، وقيل‏:‏ هو الغفلة‏.‏ وقيل‏:‏ النسيان‏:‏ عدم ذكر ما قد كان مذكوراً‏.‏ والسهو‏:‏ ذهول، وغفلة عما كان مذكوراً وعما لم يكن‏.‏

«وشك» قال الجوهري‏:‏ الشك‏:‏ خلاف اليقين، وفي اصطلاح أصحاب الأصول‏:‏ الشك‏:‏ ما استوى طرفاه، فإن ترجح أحدهما، فالراجح عندهم ظن والمرجوح وهم‏.‏

فهقهة» قال الجوهري‏:‏ القهقهة في الضحك معروفة، وهو أن يقول‏:‏ قَةَ قةَ، ويقال‏:‏ فيه قهَّ، وقهقه بمعنى، وقد جاء في الشعر مخففاً قال‏:‏ وهُنَّ في تهانُف وفي قهِ التهانف‏:‏ ضحكٌ فيه فتورٌ كضحِك المستهزىء‏.‏

«أو انتحب» قال الجوهري‏:‏ النحيب‏:‏ رفع الصوت با لبكاء، وقد نحب ينحب بالكسر نحيباً، والانتحاب مثله‏.‏

«فبان حرفان»‏:‏ يقال‏:‏ بأن الشيء بياناً، وتبياناً‏:‏ ظهر، وأبان كذلك، ذكره شيخنا في‏:‏ «فعل وأفعل»‏.‏

«إلا ما كان من خشية الله تعالى» أي‏:‏ من خوفه، عن الجوهري وعيره والخشية‏:‏ أحد مصادر، خشي، وهي ستة، نظمها شيخنا‏:‏ أبو عبد الله بن مالك في بيت‏:‏ وهو‏:‏

خشيت خَشياً ومَخْشاة ومخْشيةً

وخشية وخشاة ثم خشياناً

«أربع سجدات من أربع ركعات» هو بفتح جيم سجدات، وكاف ركعات‏:‏ جمع سجدة وركعة، وكذا بابه‏.‏ والضابط فيه‏:‏ أن كل اسم ثلاثي مؤنث بتاء ودونها، صحيح العين، فإن كان مفتوح الفاء حركت عينه بحركتها، كسجدات ونحوها، وإن كان مضموم الفاء أو مكسورها، ففيه ثلاثة أوجه، الاتباع، والفتح، والسكون‏.‏

«والإمام على غالب ظنه» يجوز نصب الإمام عطفاً على اسم «أنَّ» ورفعه على الابتداء، وكذلك كل ما عطف على اسم إنَّ بعد الخبر، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا قيل إنَّ وعد الله حق والساعة‏}‏ بالرفع، والنصب‏.‏

«إلا أن يسهو أمامه فيسجد» بنصب «يسجد» عطفاً على «يسهو» لأن لوجوب السجود على المأموم حتماً، شرطين، سهو إمامه، وسجوده‏.‏

باب صلاة التطوع

التطوع‏:‏ تفعلٌ من طاع يطوع‏:‏ إذا انقاد‏.‏

«ثم الوتر» يجوز فيه الجر عطفاً على الكسوف والاستسقاء، والرفع أجود عطفاً على صلاة‏.‏

«وإن أوتر» يقال‏:‏ وتر الصلاة‏:‏ إذا جعلها وتراً، وأوتر أكثر، نقلها أبو عثمان وغيره‏.‏

«سرد ثمانياً» وقوله «في الضحى‏:‏ وأكثرها ثمانِ» وسائر ما ورد عليك في الكتاب‏.‏ قال الجوهري‏:‏ ثمانية رجالٍ، وثماني نسوة، وهو في الأصل منسوبة إلى الثمن، لأنه الجزء الذي صير السبعة ثمانية، فهو ثمنها ثم فتحوا أوله، وحذفوا منه إحدى ياءي النسب، وعوضوا منها الألف، كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن فثبت ياؤه عند الإضافة والنصب، كما ثبتت ياء القاضي، وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر وما جاء في الشعر غير مصروف، فعلى توهم أنه جمع‏.‏

«يقرأ في الأولى سبح» سبح‏:‏ علم على السورة المبدوءة بـ ‏{‏سبح اسم ربك الأعلى‏}‏ ذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن معناه‏:‏ قل‏:‏ سبحان ربي الأعلى‏.‏ و‏{‏قل يا أيها الكافرون‏}‏ علم على هذه السورة، وكذلك ‏{‏قل هو الله أحد‏}‏ علم سورة الإخلاص، وقد سسمي كثير من سور القرآن بأول آية منها، كسروة ‏(‏طه‏)‏ و‏(‏يس‏)‏ ونحوهما‏.‏

‏{‏نستعينك ونستهديك ونستغفرك‏}‏ أي‏:‏ نطلب منك العون والهداية والمغفرة‏.‏

«ونؤمن بك ونتوب إليك» نؤمن، أي‏:‏ نصدق، و«نتوب إليك»، أي‏:‏ نفعل التوبة‏.‏ وقد تقدم شرحها في باب الحيض «ونتوكل عليك» إلى آخر الدعاء‏.‏ قال الجوهري‏:‏ التوكل‏:‏ إظهار العجز، والاعتماد على غيرك، والاسم‏:‏ التكلان، واتكلت على فلان في أمري إذا اعتمدته‏.‏ قال أبو القاسم عبدالكريم بن هوازن‏:‏ التوكل أمحله القلب، والحركة في الظاهر لا تنافي التوكل بالقلب بعد تحقيق العبد أن التقدير من قبل الله عز وجل‏.‏ وقال ذو النون المصري‏:‏ التوكل‏:‏ ترك تدبير النفس، والانخلاع من الحول والقوة، وقال سهل ابن عبد الله‏:‏ التوكل‏:‏ الاسترسال مع الله تعالى على ما يريد‏.‏ وعنه قال‏:‏ التوكل قلب عاش مع الله بلا علاقة‏.‏ وقيل‏:‏ التوكل الثقة بما في يد الله، واليأس عما في أيدي الناس، وقيل غير ذلك، يطول شرحه‏.‏

«ونثني عليك الخير» أي‏:‏ نمدحك ونصفك بالخير، قال الجوهري‏:‏ وأثنى عليه خيراً، والاسم‏:‏ الثناء، والنثا بتقديم النون‏:‏ مقصور مثل الثناء، إلا أنه في الخير والشر، والثناء في الخير خاصة‏.‏ قال الإمام أبو عبد الله بن مالك في «مُثلَّثة»‏:‏ الثناء‏:‏ المدح، فظاهر هذا أن الثناء مخصوص بالخير، والثنا‏:‏ بتقديم النون مشترك بينهما‏.‏ وقال أبو عثمان سعيد بن محمد المعافري في «أفعاله« وأثنيت على الرجل‏:‏ وصفته بخير أو بشر «ونشكرك» تقدم ذكر الشكر في أول الكتاب‏.‏

«ولا نكفوك» قال صاحب «المشارق» فيها‏:‏ أصل الكفر‏:‏ الجحد، لأن الكافر جاحد نعمة ربه عليه وساتر لها، ومنه «تكفرن العشير يعني الزواج، أي‏:‏ يجحدن إحسانه‏.‏ والمراد هنا والله أعلم‏:‏ كفر النعمة، لافترانه بـ «نشكرك ونعبدك»‏.‏ قال الجوهري‏:‏ ومعنى «العبادة»‏:‏ الطاعة مع الخضوع، والتذلل، وهو جنس من الخضوع لا يستحقه إلا الله تعالى، وهو خضوع ليس فوقه خضوع، وسمي العبد عبداً، لذلته وانقياده لمولاه، ويقال‏:‏ طريق مُعبَّدٌ‏:‏ إذا كان مذللاً موطوءاً بالإقدام‏.‏

«ونسعى» قال الجوهري‏:‏ سعى الرجل يسعى سعياً، أي‏:‏ عدا، وكذلك إذا عمل وكسب‏.‏ وقال صاحب «المشارق»‏:‏ وقال بعضهم‏:‏ والسعي‏:‏ إذا كان بمعنى الجري والمضي‏:‏ تعدى بـ«إلى» وإذا كان بمعنى العمل فباللام، قال الله تعالى ‏{‏وسعى لها سعيها‏}‏‏.‏

«ونحفد» بفتح النون، ويجوز ضمها، يقال حَفدَ بمعنى أسرع، وأحفد لغة فيه، حكاهما شيخنا في «فعل وأفعل»‏.‏ وقال أبو السعادات في «نهايته»‏:‏ نسعى ونحفد، أي‏:‏ نسرع في العمل والخدمة‏.‏ وقال ابن قتيبة‏:‏ نحفد‏:‏ نبادر، وأصل الحفد مداركة الخطو والإسراع‏.‏

«إن عذابك الجد» الجِدِّ، بكسر الجيم‏:‏ نقيض الهزل، فكأنه قال‏:‏ إن عذابك الحق‏.‏ قال أبو عبد الله بن مالك في «مثلثه»‏:‏ الجَّدَّ‏:‏ يعني بالفتح من النسب معروف، وهو أيضاً‏:‏ العظة، والحظ والقطع، والوكف، والرجل العظيم، والبئر عند الكلأ، وجانب الشيء، وجمع أجَدّ، وهو الضرع اليابس، وجمع جداءٍ، وهي الشاة اليابسة الضرع والمقطوعة، والسَّنَةُ المجدبةُ، والناقة المقطوعة الأذن، والمرأة بلا ثدي، والفلاة بلا ماء‏.‏

«وملحق»، قال الجوهري‏:‏ لحقه ولحق به‏:‏ أدركه وألحقه به غيره، والحقةُ أيضاً بمعنى لِحقهُ، وفي الدعاء‏:‏ «إن عذابك بالكفار ملحق» بكسر الحاء، أي‏:‏ لاحق بهم، والفتح أيضاً صواب‏.‏ آخر كلامه‏.‏

«اللهم اهدنا» أصل الهدي‏:‏ الرشاد والدلالة، يقال‏:‏ هداه يهديه هدىً وهداية، وطلب الهداية من المؤمنين مع كونهم مهتدين بمعنى طلب الثبات على الهداية، أو بمعنى المزيد منها‏.‏

«وعافنا فيمن عافيت»‏:‏ صيغةُ أمرٍ من عافاه عافية‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ والعافية من الأسقام والبلايا‏.‏

«وتولنا فيمن توليت» قال الجوهري‏:‏ الولي ضد العدو، يقال‏:‏ منه تولاه‏.‏ فهو ـ والله أعلم ـ سؤال أن يكون الله وليَّهُ لا عدوه‏.‏

«أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك منك» قال الخطابي‏:‏ في هذا معنىً لطيفٌ، وذلك أنه سأل الله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضى والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة، والمؤاخذة بالعقوبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له، وهو الله تعالى أظهر العجز والانقطاع، وفزع منه إليه، فاستعاذ وفزع منه إليه، فاستعاذ به منه‏.‏ وقال صاحب «المشارق»‏:‏ وفي الحديث «أسألك العفو والعافية والمعافاة» قيل‏:‏ العفو‏:‏ محو الذنب، والعافية‏:‏ من الأسقام والبلايا، والمعافاة‏:‏ أن يعافيك الله من الناس، ويعافيهم منك‏.‏

«لا نحصي ثناء عليك» أي‏:‏ لا نطيقه ولا نبلغه ولا تنتهي غايته، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏علم أن لن تحصوه‏}‏ أي‏:‏ لن تطيقوه‏.‏

«أنت كما أثنيت على نفسك» اعترافٌ بالعجز عن تفصيل الثناء‏.‏ وردُّ ذلك إلى المحيط علمهُ بكل شيءٍ جملة وتفصيلاً، فكما أنه تعالى لا نهاية لسلطانه وعظمته، فكذلك إلا نهاية للثناء عليه، لأنه تابع للثناء عليه‏.‏

«ينزل بالمسلمين نازلة» قال الجوهري‏:‏ النازلة‏:‏ الشديدة من شدائد الدهر تنزل بالناس‏.‏

«ثم التراويح» التراويح‏:‏ قيام شهر رمضان، وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات، سميت تراويح، لأنهم كانوا يجلسون بين كل أربع يستريحون، ذكره المصنف رحمه الله في «الكافي»‏.‏

«يقوم بها في رمضان» رمضان‏:‏ الشهر المعروف، لا ينصرف للعلمية والزيادة‏.‏ وفي تسمية رمضان بذلك خمسة أقوال، أحدها‏:‏ أنهم لما نقلوا الشهور عن اللغة القديمة سموا بالأمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام شدة الحر ورمضه‏.‏ والثاني‏:‏ لحر جوف الصائم فيه وَرَمضهِ‏.‏ الثالث‏.‏ أنه كان عندهم أبداً في الحر، لا نسائهم الشهور، وزيادتهم شهراً في كل أربع سنين حتى لا تنتقل الشهور عن معاني أسمائها‏.‏ الرابع‏:‏ أن الذنوب تُرمضُ بحرارة القلوب‏.‏ الخامس‏:‏ أنه من خيره، كالرمض وهو‏:‏ المطر إذا كان في آخر القيظ وأول الخريف، سُمي بذلك لأنه يدرك سخونة الشمس‏.‏ وكان عطاء ومجاهد، يكرهان أن يقال‏:‏ رمضان، قالا‏:‏ لا ندري لعل رمضان اسم من أسماء الله تعالى‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ إذا جاء بما لا يشك معه أن المراد به الشهر، كقوله‏:‏ صُمنا رمضان، لم ينكر، وينكر ما يشكل، كقولك‏:‏ دخل رمضان، وجاء رمضان‏.‏ والصحيح‏:‏ أنه يقال‏:‏ رمضان مطلقاً من غير تفصيل، فقد صح عن رسول الله «من صام رمضان» و«لا تقدموا رمضان» ذكر الجميع الإمام عبد العظيم المنذري في حواشي «مختصر سنن أبي داود»‏.‏ وجمع رمضان رمضانات، ورماضنين، وأرمض، ورماض، وأرمضة، على حذف الزوائد‏.‏ وأراميض، ورماضي‏.‏ وزاد الجوهري‏:‏ أرمضاء‏.‏

«فإن كان له تجهُّد» التجهُّد‏:‏ الصلاة بالليل‏.‏ قال الجوهري‏:‏ هجد وتهجد، أي‏:‏ نام ليلاً، وهجد وتهجد، أي‏:‏ سهر، وهو من الأضداد، ومنه قيل لصلاة الليل‏:‏ التهجد‏.‏

«وفي التعقيب» التعقيب‏:‏ فعل الشيء بعقب الشيء، وقد فسره المصنف رحمه الله تعالى بذلك، وهو راجع إلى معناه في اللغة‏.‏

«مثنى مثنى» غير مصروف، للعدل والوصف‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ أي‏:‏ ركعتان اثنتان، يسلم من كل اثنتين‏.‏

«لا يجهر فيها» بفتح الياء، وضمها لغة، وقد تقدم‏.‏

«واندفاع النقم» النقم، بكسر النون وفتح القاف، وبفتح النون وكسر القاف‏:‏ نحو كلمة وكلم، واحدة‏:‏ نَقِمة ونِقْمة كعَذَرةٍ وسِدْرَةٍ، حكاه الجوهري بمعناه‏.‏

«قيد رمح» أي‏:‏ قدر رمح، يقال‏:‏ قيد رمح، وقيس رمح، وقدي رمح، بكسر قافات الثلاثة، وقادُ رمح، خمس لغات، بمعنى‏:‏ قدر رمح، كلها عن الجوهري، مفرقة في أبوابها‏.‏

«تضيَّفت للغروب» قال الجوهري‏:‏ تضيَّفت الشمس‏:‏ إذا مالت للغروب، وكذلك‏:‏ ضاقت وضيَّقت‏.‏ والله أعلم‏.‏

باب صلاة الجماعة

«لا شرطٌ» بالتنوين مرفوعاً، عطف على «واجبةٌ»، أي‏:‏ هي واجبةٌ، لا شرطٌ‏.‏

«هل الثغر» قال الجوهري‏:‏ الثغر‏:‏ موضع المخافة من فروج البلدان‏.‏ وقال عياض‏:‏ والثغرُ‏:‏ أصله الفتح في الشيء، ينفذ منه إلى ما وراءه‏.‏

«في غير المساجد الثلاثة»‏:‏ هي المسجد الحرام، ومسجد النبي، ومسجد الأقصى، التي ذكرت في الحديث الصحيح‏.‏

«إلا صلاة المكتوبة» بالرفع على البدل، ويجوز النصب على أصل باب الاستثناء‏.‏

«إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها» بضم العين على الاستئناف‏.‏

«في سكنات الإمام» سكنات بفتح الكاف، على ما قرر في سجود السهو، وهي ثلاث‏:‏ في الركعة الأولى‏:‏ قبل الفاتحة، وبعدها، وقبل الركوع، واثنتان في سائر الركعات، بعد الفاتحة، وقبل الركوع‏.‏

«لطرش» قال الجوهري‏:‏ الطرش أهون الصمم، يقال‏:‏ هو مولَّد‏.‏ وقال أبو منصور اللغوي‏:‏ والطرش ليس بعربي، وهو بمنزلة الصمم، وقيل‏:‏ أقل من الصمم، وقالوا‏:‏ طرِش يطرَش طرشاً‏.‏

«السنة أن يؤم القوم أقرؤهم» أي‏:‏ أكثرهم قرآناً، فإن تساويا في قدر ما يحفظ كل واحد منهما، فأولاهما‏:‏ أجودهما قراءة وإعراباً‏.‏ فإن كان أحدهما أكثر حفظاً، والآخر أجود قراءة، وأقل لحناً، فالجيد القراءة أولى، ذكر ذلك المصنف رحمه الله في «المغني»، ثم قال‏:‏ فإن اجتمع قارئان، وأحدهما أقرأ، والآخر أفقه، قدم أقرؤهما، نص عليه‏.‏ وقال ابن عقيل‏:‏ يقدم الأفقه‏.‏ فإن اجتمع فقيهان، أحدهما أعرف بأحكام الصلاة، والآخر أعرف بما سواها، فالأعلم بأحكام الصلاة أولى‏.‏

«ثم أسنّهم» أي‏:‏ أكبرهم سناً، وظاهر قول الإمام أحمد‏:‏ تقديم الأقدم هجرة على الأسن‏.‏ قال الخطابي‏:‏ على هذا الترتيب يوجد أكثر أقوال العلماء‏.‏

ثم أقدمهم هجرة» قال المصنف رحمه الله في «المغني»‏:‏ معنى تقديم الهجرة‏:‏ أن يكون أحدهما أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ الهجرُ‏:‏ ضد الوصل، وقد هجرَهُ هجْراً وهُجراناً، والاسم‏:‏ الهجرة‏.‏ والمهاجرة من أرض إلى أرض‏:‏ ترك الأولى للثانية‏.‏

«ثم أشرفهم، ثم أتقاهم» قال المصنف رحمه الله في «المغني»‏:‏ قدم أشرفهم، أي‏:‏ أعلاهم نسباً، وأفضلهم في نفسه، وأعلاهم قدراً‏.‏ آخر كلامه‏.‏ وأتقاهم‏:‏ أكثرهم تقوى، والتقوى‏:‏ ترك الشرك والفواحش والكبائر، عن ابن عباس‏.‏ وأصله من الأتقاء‏:‏ وهو الحجز بين الشيئين‏.‏ وعن ابن عمر‏:‏ التقوى‏:‏ أن لا ترى نفسك خيراً من أحدٍ‏.‏ وعن عمر بن عبدالعزيز‏:‏ التقوى‏:‏ ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله‏.‏ وقيل‏:‏ الاقتداء بالنبي‏.‏ وقيل‏:‏ التقوى‏:‏ ترك ما لا بأس به، حذراً مما به بأس‏.‏ وقيل‏:‏ جماعها في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الله يأمر بالعدل والإحسان‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏

«أحق بالإمامة» أي‏:‏ مستحق لها، ولا حق لغيره فيها‏.‏ قال الأزهري‏:‏ «أحق» في كلام العرب له معنيان، أحدهما‏:‏ استيعاب الحق، والثاني‏:‏ ترجيح الحق‏.‏

«ذا سلطان» قال الجوهري‏:‏ السلطان‏:‏ الوالي‏.‏ وقال صاحب «المستوعب» وذو السلطان ـ وهو‏:‏ الإمام ـ والقاضي‏:‏ أولى من إمام المسجد‏.‏ وصاحب البيت، وكل ذي سلطان‏:‏ أولى من جميع نوابه‏.‏ وإنما عدلَ ـ والله أعلم ـ عن قوله‏:‏ «إلا أن يكون بعضهم سلطاناً» إلى قوله‏:‏ «ذا سلطان»، لكونه أعمَّ، لأن السلطان قد صار كالعلم‏.‏

«إمامة الفاسق والأقلف» تقدم ذكر الفاسق في باب الأذان‏.‏ والأقلف‏:‏ الذي لم يختن، وقد تقدم ذكر الختان‏.‏

«إمام الحي المرجوِّ زوال علنه» قال القاضي عياض‏:‏ الحي‏:‏ اسم لمنزل القبيلة، سميت به، لأن بعضهم يحيى ببعض‏.‏

«وإمام الحي» بالجر، على البدل من عاجز، والنصب على الاستثناء، و«المرجو» تابع له في جره ونصبه، و«زوال» مرفوع وجهاً واحداً‏.‏

«إمامة الأمي» قال القاضي عياض‏:‏ منسوب إلى الأم، إذا النساء في الغالب من أحوالهن لا يكتبن، ولا يقرأن مكتوباً، فلما كان الابن بصفتها، نسب إليها، كأنه مثلها‏.‏ وقيل‏:‏ بل المراد بالأمي أنه الباقي على أصل ولادة أمه، لم يقرأ ولم يكتب‏.‏ آخر كلامه‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ وأصل الأمِّ أمَّهة، ولذلك تجمع على أمهات‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ الأمهات للناس، والأمّهات للبهائم‏.‏ وحقيقة الأميّ، في باب الإمامة، ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى، ولو كان يحسن الكتابة وغيرها‏.‏

«أو يلحن فيها» بفتح الحاء‏.‏ قال الجوهري‏:‏ اللحن‏:‏ الخطأ في الإعراب‏.‏ يقال‏:‏ فلان لحّان، أي‏:‏ يخطىء، ولحانة أيضاً‏.‏

«والفأفاء والتمتام» قال الجوهري‏:‏ رجل فأفاءٌ، على فعْلال، وفيه فأفأةٌ، وهو أن يتردد في الفاء إذا تكلم‏.‏ والتمتام‏:‏ الذي فيه تمتمة، وهو الذي يردد التاء‏.‏

«من لا يفصح ببعض الحروف» بفتح بضم الياء من‏:‏ يفصح، لا غير‏.‏

«والجنديّ» بضم الجيم، وسكون النون، وتشديد الياء‏:‏ نسبة إلى جند، أحد أجناد الشام‏.‏ وهي خمس‏:‏ دمشق، وحمص، وفلسطين، وقنسرين، والأردن‏.‏ والنسبة ترد إلى الواحد، فيقال‏:‏ جندي، ذكره الزمخشري في كتاب «أساس البلاغة»‏.‏

«فرجة» الفرجة‏:‏ الخلل بين شيئين، قاله غير واحد من أهل اللغة، وهي‏:‏ بضم الفاء، وفتحها، ذكرهما صاحب «المحكم»، والأزهري‏.‏ وأما «الفرجة» بمعنى‏:‏ الراحة من الغم، فمثلث الفاء، ذكره شيخنا في «مثلثه»‏.‏

«صلى فذاً» الفذ‏:‏ الفرد، قاله الجوهري، وغيره‏.‏

«في طاق القبلة» طاق القبلة؛ عبارة عن المحراب، قال الجوهري‏:‏ والطاق ما عطف من الأبنية، والجمع طاقات‏.‏ والطيقان‏:‏ فارسي معرب‏.‏ وقال صاحب «المطالع»‏:‏ طاق البناء‏:‏ الفارغ ما تحته، وهي الجنية، وتسمى الأزج، ونقل صاحب «المستوعب» رواية في استحباب وقوف الإمام فيه‏.‏

«بين السواري» جمع سارية‏.‏ قال الجوهري‏:‏ هي الاسطوانة‏.‏

«قامت وسطهن» تقدم عند قوله في الخطبة‏:‏ وسطاً بين الطويل والقصير‏.‏

«أحد الأخبثين» قال الجوهري‏:‏ الأخبثان‏:‏ البول والغائط، وقد تقدم بتثليث الخاء من يحضره كذا‏.‏

«الخائف من ضياغ ماله» قال الجوهري‏:‏ ضاع الشي يضيع ضيعاً وضيعة وضياعاً بالفتح، أي‏:‏ هلك‏.‏ والضيعة‏:‏ العقار، والجمع ضياع، يعني‏:‏ بكسر الضاد‏.‏ وقال صاحب «المشارق» فيها، بعد أن ذكر الفتح‏:‏ وأما بكسر الضاد، فجمع ضائع‏.‏

«أو ملازمة غريم» قال الجوهري‏:‏ الغريم‏:‏ الذي عليه الدين، يقال‏:‏ خذ من غريم السوء ما سنح، وقد يكون الغريم‏:‏ الذي له الدين، قال كثير‏:‏

قضى كلُّ ذي دَيْنٍ فوفَّى غريمه

وعزَّةُ ممطول معنَّى غريمُها

وقال صاحب «المشارق»‏:‏ والغريم‏:‏ من له الدَّيْن، ومن عليه الدين‏.‏

«أو من فوات رفقته» قال الجوهري‏:‏ الرفقة‏:‏ الجماعة ترافقهم في سفرك، والرفقة، بالكسر، مثله‏.‏

«أو الأذى بالمطر والوحل» قال الجوهري‏:‏ الوحل بالتحريك‏:‏ الطين الرقيق، وبالتسكين لغة رديئة‏.‏ والله أعلم‏.‏

باب صلاة أهل الأعذار

الأعذار جمع عذر، كقفل وأقفال، وهو‏:‏ ما يرفع اللوم عما حقه أن يلام عليه، ويقال‏:‏ أيضاً‏:‏ عُذرُ بضم العين والذال‏.‏ وعذرة، ككسرة، ومعذرة‏.‏

«فعلى جنب» «خ» بخط المصنف في نسخته في هذا الموضع «خ» معجمة إشارة إلى أن البخاري روى الحديث المذكور‏.‏

«أومأ بطرفه» قال الإمام أبو عبد الله بن مالك في «فعل وأفعل» ومأ وأومأ، ووبأ وأوبأ، وومى وأومى‏:‏ أشار‏.‏ فاللغات الأربع بالهمز، والخامس منها، والسادس بغير همز‏.‏ والطرف‏.‏ بفتح الطاء وسكون الراء‏:‏ العين‏.‏ قاله الجوهري‏.‏ وقال صاحب «المطالع»‏:‏ طرف العين حركتها، ومنه‏:‏ هي تطرف، أي تحرك أجفانها‏.‏

«فإن قدر على ذلك» قدر، بفتح الدال، وبكسرها‏:‏ لغة فيه، حكاها ابن السكيت، نقلها الجوهري‏.‏

«وعجز عن الركوع» عجز، بفتح الجيم‏:‏ هو المشهور في اللغة‏.‏ والأفصح، وهو الذي حكاه ثعلب، وغيره‏:‏ يعجز، بكسرها‏.‏ وحكي عن الأصمعي‏:‏ عجز، بكسر الجيم، يعجز، بفتحها‏.‏ وحكاها القزاز‏:‏ في «الجامع»، وابن القطاع، ويعقوب‏:‏ في «فعل وأفعل»، وابن خالويه، وغيرهم‏.‏ قال المطرز‏:‏ والعجز‏:‏ أن لا يقدر على ما يريد‏.‏ وقيل‏:‏ هو الكسل والتواني، قاله ابن السيد في «مثلثه»‏.‏ والمشهور، الفرق بين العجز والكسل‏.‏

«ثقات من العلماء بالطب» ثقات جمع ثقة‏:‏ وهو المؤتمن‏.‏ قال الجوهري‏:‏ يقال‏:‏ وثقت بفلان، أثق، بالكسر فيهما ثقة‏:‏ إذا ائتمنته‏.‏ والطب‏:‏ المداواة، بكسر الطاء‏.‏ قال الجوهري‏:‏ والطَّب والطب، يعني بفتح الطاء وضمها‏:‏ لغتان في الطب‏.‏ وحكى اللغات الثلاث غيره‏.‏

«في السفينة» السفينة معروفة، وجمعها‏:‏ سفن وسفين، قال ابن دريد‏:‏ سفينة فعيلة، بمعنى‏:‏ فاعلة‏.‏ سميت بذلك، لأنها تسفن الماء، كأنها تفسره‏.‏

«في قصر الصلاة» قصر الصلاة‏:‏ ردها من أربع إلى ركعتين، مأخوذ من‏:‏ قصر الشيء‏:‏ إذا نقصه، ويجوز أن يكون قصرها‏:‏ حبسها عن إتمامها، مأخوذ من قصر الشيء‏:‏ إذا حبسه‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ يقال‏:‏ قصرت من الشيء‏:‏ إذا نقص منه، وقال أيضاً‏:‏ وكل شيء حبسته، فقد قصرته‏.‏ وحكى هذا المعنى غيره أيضاً‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وأقصرت من الصلاة‏:‏ لغة في «قصرت»‏.‏

«ستة عشر فرسخاً» قال أبو منصور اللغوي‏:‏ الفرسخ‏:‏ واحد الفراسخ، فارسي معرب، وقال المصنف رحمه الله تعالى في «المغني» فمذهب أبي عبد الله رحمه الله تعالى إن القصر لا يجوز في أقل من ستة عشر فرسخاً، والفرسخ ثلاثة أميال، فيكون ثمانية وأربعين ميلاً‏.‏ قال القاضي‏:‏ والميل اثنا عشر ألف قدم، وذلك مسيرة يومين قاصدين‏.‏ وذكر صاحب «المسالك»‏:‏ أن من دمشق إلى القطيفة أربعة وعشرين ميلاً، ومن دمشق إلى الكسوة اثني عشر ميلاً، ومن الكسوة إلى جاسم أربعة وعشرين ميلاً‏.‏ وحدَّ بعضهم الميل الهاشمي بأنه ستة آلاف ذراع، والذراع‏:‏ أربع وعشرون أصبعاً معترضة معتدلة، والأصبع‏:‏ ست شعيرات معترضات معتدلات‏.‏

«الرباعية» تقدم‏.‏

«بيوت قريته» قال الجوهري‏:‏ القرية معروفة، والجمع القرى، على غير قياس، لأن ما كان فعله بفتح الفاء من المعتل، فجمعه ممدود، مثل ركوة وِركاة، وطبية، وظباء، وجاء القرى، مخالفاً لبابه لا يقاس عليه، ويقال‏:‏ قرية، بكسر القاف، لغة ثمانية، ولعلها جمعت على ذلك، مثل ذِروة، وذرى، ولحية ولحى‏.‏ آخر كلامه‏.‏ والقرية‏:‏ ما كان مبنياً بحجارة، أو لبن ونحوهما‏.‏

«أو خيام قومه» الخيام‏:‏ جمع خيم، بمعنى خيمة، كفرخ وفراخ، والخيمة‏:‏ بيت تنبيه العرب من عيدان الشجر، والجمع خيمات، وخيم، كبدرة وبدر، كله عن الجوهري‏.‏ وحكى الواحدي‏:‏ أن «خيما» جمع خيمة، كتمر وتمر‏.‏ فعلى هذا تكون الخيام جَمعَ جمْعٍ‏.‏ ويسمى المتخذ من العيدان‏:‏ خباء‏.‏

«والملاح» هو صاحب السفينة، عن الجوهري وغيره‏.‏

«مشقة وضعف» ضعف‏:‏ بفتح الضاد وضمها، لغتان مشهورتان‏.‏

«تحت ساباط» قال الجوهري‏:‏ الساباط سقيفة بين حائطين، تحتهما طريق، والجمع سوابيط وساباطات‏.‏

«حذاء العدو» بكسر الحاء ممدوداً‏:‏ إزاؤه‏.‏

«بالحمد لله» بضم الدال على الحكاية، أي‏:‏ بالفاتحة‏.‏

«صلوا رجالاً وركباناً» قال العزيزي في «الغريب» هما‏:‏ جمع راجل وراكب وقال الزجاج‏:‏ راجل ورجال، كصاحب وصحاب‏.‏ وقال ابن السكيت‏:‏ يقال‏:‏ مر بنا راكب‏:‏ إذا كان على بعير خاصة، فإن كان على حافر فرس أو حمار، قلت‏:‏ فارس وعلى حمار، وقيل غير ذلك‏.‏ والمراد بالركبان هنا‏:‏ خلاف المشاة‏.‏

«أو سبع» سبع بضم الباء وإسكانها‏:‏ لغتان مشهورتان، قرىء بهما، وهو هذا المعروف، وقد يطلق على كل مفترس كالذئب والنمر ونحوهما‏.‏

«لسواد» قال الأزهري، والجوهري‏:‏ السواد‏:‏ الشخص، والجمع أسودة، ثم أساود جمع الجمع، والله أعلم‏.‏

باب صلاة الجمعة

«الجمعة» بضم الجيم والميم، ويجوز سكون الميم وفتحها، حكى الثلاثة ابن سيده‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ مشتقة من اجتماع الناس للصلاة، قاله ابن دريد‏.‏ وقال غيره‏:‏ بل لاجتماع الخليقة فيه وكمالها، وروي عن النبي ‏:‏ إنها سميت بذلك لاجتماع آدم فيه مع حواء في الأرض‏.‏ ومن أسمائه القديمة‏:‏ يوم العروبة‏.‏ وزعم ثعلب، أن أول من سماه يوم الجمعة، كعب بن لؤي، وكان يقال‏:‏ له‏:‏ العروبة، وكانت الأيام الأسبوع عند العرب أسماء أخر‏.‏ فيوم الأحد‏:‏ أول، والاثنين‏:‏ أهون، والثلاثاء‏:‏ جبار، والأربعاء‏:‏ دبار، والخميس‏:‏ مؤنس، والجمعة‏:‏ عروبة، والسبت‏:‏ شيار، بالشين المعجمة‏.‏ قال الجوهري‏:‏ أنشدني أبو سعيد‏.‏ قال‏:‏ أنشدني ابن دريد لبعض شعراء الجاهلية‏:‏

أؤَمِّل أن أعيش وأن يومي

بأولَ أو بأهونَ أو جبارِ

أو التالي دُبارٌ أو فيومي

بمؤنس أو عروبة أو شيار

«مكلف» المكلَّف في اللغة‏:‏ الملزم بما فيه مشقَّة، وفي الشرع‏:‏ المخاطب بأمر ونهي، قاله المصنف رحمه الله تعالى في «الروضة» وهو البالغ العاقل‏.‏

«ببناء» الباء‏:‏ حرف جر، بمعنى «في»، والبناء في الأصل، مصدر بنى، وهو هنا مصدر مطلق على المفعول، أي‏:‏ بمبنيٍّ، فلا تجب الجمعة على أهل بيوت الشعر، وما أشبههم‏.‏

«شملها اسم واحدٌ» بكسر الميم في الماضي، وفتحها في المضارع، وهو الأشهر عند أهل اللغة، وحكى يعقوب وغيره‏:‏ فتح الميم في الماضي، وضمها في المضارع‏.‏ ومعنى شمل‏:‏ عم‏.‏

«خطبتان» واحدتهما خطبة بالضم، وهي التي تقالُ على المنبر ونحوها وخطبة النكاح بالكسر، يقال‏:‏ خطبت المرأة خطبة وخِطّيبي‏.‏

«على منبر» المنبر، بكسر الميم، قال الجوهري‏:‏ نَبرت الشيء‏:‏ إذا رفعته، ومنه سمي المنبر‏.‏

«فاجتزىء» يقال جزأت بالشيء، واجتزأت به، وتجزأت به، بالهمز‏:‏ إذا اكتفيت به، كله عن الجوهري‏.‏ وقال ابن القطاع‏:‏ وجزأ الشيء، وأجزأ‏:‏ كفى‏.‏

«ويبكر» يقال‏:‏ بكرت، بتخفيف الكاف، وبكَّرت، بتشديدها، وأبكرت، وابتكرت، وباكرت، كله بمعنى، حكى الخمسة الجوهري، ثم قال‏:‏ ولا يقال بَكِر، ولا بَكُرَ، يعني بكسر الكاف وضمها، فمضارع الأول بضم الكاف، وباقيها على القياس، والذي هنا يجوز أن يكون مضارع بكَرَ وبكَّرَ وأبكرَ‏.‏ قال ابن فارس‏:‏ ومعناه كله‏:‏ الإسراع، أيّ وقت كان‏.‏ وقول رسول الله «من بكر وابتكر» بكر‏:‏ أسرع، وابتكر‏:‏ سمع أوائل الخطبة، كما يبتكر الرجل الباكورة من الفاكهة‏.‏

«سورة الكهف» أي‏:‏ السورة التي يذكر فيها أصحاب الكهف، والكهف‏:‏ الغار في الجبل‏.‏

«فيتخطى إليها» بغير همز‏.‏

باب صلاة العيدين

واحد العيدين عيد، وهو يوم الفطر، ويوم الأضحى‏.‏ وسمي بذكل، قال القاضي عياض‏:‏ لأنه يعود ويتكرر لأوقاته، وقيل‏:‏ يعود بالفرح على الناس، وقيل سمي عيداً تفاؤلاً ليعود ثانية‏.‏ قال الجوهري‏:‏ إنما جمع بالياء وأصله الواو، للزومها في الواحد، وقيل‏:‏ للفرق بينه وبين أعواد الخشب‏.‏

«تعجيل الأضحى وتأخير الفطر» أي‏:‏ تعجيل صلاة يوم الأضحى، وتأخير صلاة يوم الفطر‏.‏ والأضحى‏:‏ مأخوذ من الأضحاة، وهي لغة في الأضحية على ما ستقف عليه إن شاء الله تعالى في أول باب الهدي والأضاحي‏.‏

«بكرة وأصيلاً» بكرة‏:‏ عبارة عن أول النهار، وأصيلاً‏:‏ الوقت من بعد العصر إلى الغروب، وجمعه أصل وآصال، أصائل، وأصلان، كبعير وبُعران، كله عن الجوهري‏.‏

«يحثهم» أي‏:‏ يحضهم‏.‏

«يوم عرفة» هو اليوم التاسع من ذي الحجة‏.‏ و«عرفة»‏:‏ غير منون، للعلمية والتأنيث‏.‏ وهي مكان معيَّن محدود، وأكثر الاستعمال‏:‏ عرفات‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وعرفات‏:‏ موضع بمنى، وهو‏:‏ اسم بلفظ الجمع فلا يجمع‏.‏ وقول الناس‏:‏ نزلنا عرفة شيبه بمولد، وليس بعربي محض‏.‏ وسمي عرفات، لأن جبريل ـ عليه السلام ـ كان يُرى إبراهيم ـ عليه السلام ـ المناسك، فيقول‏:‏ عرفت عرفت، نقله الواحدي عن عطاء‏.‏ وقيل‏:‏ لأن آدم ـ عليه السلام ـ تعارف هو وحواء بها، وكان آدم أهبط من الجنة بالهند وحواء بجده، وقيل غير ذلك‏.‏

«آخر أيام التشريق» هي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث من ذي الحجة، وسميت بذلك من تشريق اللحم، وهو تقديد، لأن لحوم الأضاحي تشرّق فيها، أي‏:‏ تنشر في الشمس، قاله غير واحد من العلماء، وقيل من قولهم‏:‏ «أشرق تثبير كما نُغير» حكاه يعقوب‏.‏ وقيل‏:‏ لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس، حكاه ابن الأعرابي‏.‏ حكى الأقوال الثلاثة الجوهري‏.‏ وقال أبو حنيفة رحمه الله‏:‏ التشريق‏:‏ التكبير دبر الصلوات، وأنكره أبو عبيد، حكى ذلك القاضي عياض‏.‏

باب صلاة الكسوف

الكسوف‏:‏ مصدر كسفت الشمس‏:‏ إذا ذهب نورها، يقال‏:‏ كسفت الشمس والقمر، وكسفا وانكسفا، وخُسِفا وخَسفَا، وانخَسَفا، ست لغات، وقيل‏:‏ الكسوف‏:‏ مختص بالشمس، والخسوف بالقمر، وقيل‏:‏ الكسوف في أوله، والخسوف في آخره‏.‏ وقال ثعلب‏:‏ كسفت الشمس، وخسف القمر، هذا أجود الكلام‏.‏

«فزع الناس» أي‏:‏ بادروا إليها، بكسر الزاي، ويقال أيضاً‏:‏ فزع‏:‏ إذا هبَّ من نومه، ويقال‏:‏ فزع وأفزع‏:‏ إذا خاف، وفِزعه بكسر الزاي، وبفتحها‏:‏ إذا إغاثه، والفتح أفصحها، قاله‏:‏ القاضي عياض‏.‏

«وينادي لها‏:‏ الصلاة جامعة» بنصب الصلاة على الإغراء و«جامعة» على الحال‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ الصلاة جامعة، أي‏:‏ ذات جماعة، أبو جامعة للناس‏.‏

«فيسمع ويحمد» أي‏:‏ يقول‏:‏ سمع الله لم حمده، ربنا ولك الحمد‏.‏

«إلا الزلزلة الدائمة» قال القاضي عياض‏:‏ الزلزلة‏:‏ رجفة الأرض واضطرابها وعدم ثبات سكونها، وهو هنا مجرور على البدل من «شيء» ويجوز نصبُه من الاستثناء، والأول أفصح‏.‏

باب صلاة الاستسقاء

الاستسقاء‏:‏ استفعالٌ من السُّقيا، قال القاضي عياض‏:‏ الاستسقاء‏:‏ الدعاء بطلب السقيا، فكأنه يقول‏:‏ باب الصلاة لأجل طلب السقيا‏.‏

«أجدبت الأرض وفَحِطَ المطرُ» يقال‏:‏ أجدبت الأرض وجَدَبَت وجدُبَت وجدِبَت بفتح الدال وضمها وكسرها، أربع لغات، وكلها بالدال المهملة‏:‏ إذا أصابها الجدب، قال الجوهري‏:‏ وهو نقيض الخصب‏.‏ وقَحِط المطر، بفتح الخاء وكسرها‏:‏ إذا احتبس‏.‏ عن الجوهري‏.‏ ويقال‏:‏ قُحط الناسُ، بضم القاف، وفتحها، وأقحِطوا وأقحطوا بضم الهمزة وفتحها، وحكى الأربع أبو عثمان في «أفعاله»‏.‏

«وأحكامها» بكسر الميم عطفاً على موضعها‏.‏

«وعظ الناس» قال ابن فارس‏:‏ الوعظ‏:‏ التخويف‏.‏ قال‏:‏ وقال الخليل‏:‏ وهو التذكير بالخير فيما يرق له القلب‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ هو النصح والتذكير بالعواقب‏.‏

«بالتوبة من المعاصي والخروج من المظالم»‏.‏ المعاصي‏:‏ جمع معصية، وهي كلُّ ما عصي الله به‏.‏ والمظالم‏:‏ جمع مظلمة، بفتح اللام وكسرها، وهي ظلامات العباد‏.‏ فالمعاصي أعم من المظالم، والظلم‏:‏ وضع الشيء في غير موضعه، قاله غير واحد من أهل اللغة‏.‏

«وترك التشاحن» قال الجوهري‏:‏ الشحناء‏:‏ العداوة، فكأنَّ التشاحن، تفاعل من الشحناء‏.‏

«متواضعاً» أي‏:‏ متقصداً التواضع، وهو ضد التكبر‏.‏

«متخشعاً» أي‏:‏ متقصداً للخشوع، والخشوع والتخشع والاختشاع‏:‏ التذلل ورمي البصر إلى الأرض، وخفض الصوت، وسكون الأعضاء‏.‏

متذللاً متضرعاً» قال الجوهري‏:‏ تذلل، أي‏:‏ خضع‏.‏ وتضرع إلى الله تعالى‏:‏ ابتهل، فكأنه يخرج خاضعاً مبتهلاً في الدعاء‏.‏

«والشيوخ» الشيوخ‏:‏ جمع شيخ، وله جموع ثمانية‏:‏ مشايخ، والباقي قد نظمها شيخنا الإمام أبو عبد الله بن مالك في هذا البيت وهو‏:‏

شيخٌ شيوخٌ ومشيوخاءُ مشيخةٌ

وشِيخةٌ وشِيَخة شيخانُ أشياخُ

والمرأة‏:‏ شَيخة‏.‏ وقد شاخ بشيخ شيخاناً، بالتحريك‏:‏ صار شيخاً، وهو من جاوز الخمسين‏.‏

«اللهم اسقنا» بوصل الهمزة وقطعها‏.‏

«غيثاً مغيثاً» إلى آخر الدعاء‏.‏ قال الجوهري‏:‏ الغيث‏:‏ المطر‏.‏ وكذلك قال القاضي عياض‏.‏ وقال‏:‏ قد يسمى الكلأ غيثاً‏.‏ والمغيث‏:‏ المنقذ من الشدة، يقال‏:‏ غاثة وأغاثه، ذكرهما شيخنا ابن مالك في «فعل وأفعل» ولم يذكر الجوهري غير الثلاثي‏.‏ وقال‏:‏ وغيثت الأرض، فهي مغيثة ومغيوثة‏.‏ والهنيء، ممدود مهموز‏:‏ هو الطيب المساغ الذي لا ينقصه شيء، ومعناه هنا‏:‏ أنه متم للحيوان وغيره من غير ضرر ولا تعب‏.‏ والمريء‏:‏ ممدود مهموز أيضاً‏:‏ المحمود العاقبة، يقال‏:‏ مرأني الطعام‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وقال بعضهم‏:‏ أمرأني، وحكاها شيخنا وغيره‏.‏ والغَدق بفتح الدال وكسرها، والمغدق‏:‏ الكثير الماء والخير، قاله الأزهري‏.‏ قال الجوهري‏:‏ غدقت العينُ، بالكسر، أي‏:‏ غزرت، فالغَدق، بالفتح‏:‏ مصدر، وبالكسر‏:‏ صفة‏.‏

«والمجلَّل» قال الأزهري‏:‏ هو الذي يعمُّ البلاد والعباد نفعه، ويتغشاهم خيره‏.‏ وقال رحمه الله‏:‏ «السح»‏:‏ الكثير المطر، الشديد الواقع على الأرض، يقال‏:‏ سح الماء يسح‏:‏ إذا سال من فوق إلى أسفل، وساح يسيح‏:‏ إذا جرى على وجه الأرض‏.‏ والعام‏:‏ الشامل‏.‏ و«الطبق» بفتح الطاء والباء، قال الأزهري‏:‏ هو العام الذي طبق البلاد مطره‏.‏

والقاطنون‏:‏ الآيسون»، قال الأزهري‏:‏ سقيا رحمة، أي اسقنا سقيا رحمة، وهو أن يغاث الناس غيثاً نافعاً لا ضرر فيه ولا تخريب‏.‏ والهدم، بسكون الدال، والغَرَق، بفتح الغين والراء‏.‏ واللأواء ممدودٌ‏:‏ الشدة، وقال الأزهري‏:‏ اللأواء‏:‏ شدة المجاعة، يقال‏:‏ أصابتهم لأواء ولولاء وشصاصاء، وهي كلها السنة والجهد وقلة الخير‏.‏ والجهد‏:‏ بفتح الجيم‏:‏ المشقة، وبضمها وفتحها‏:‏ الطاقة، قاله الجوهري وغيره‏.‏

«والضنك»‏:‏ الضيق قاله الجوهري وغيره‏.‏ وقال القاضي عياض‏:‏ الضيق والشدة‏.‏ قال الجوهري‏:‏ الضرع لكل ذات ظلف أو خف‏.‏ قال الأزهري‏:‏ أراد بقوله‏:‏ فأرسل السماء‏:‏ السحاب، والمدرار‏:‏ الكثير الدر والمطر‏.‏

«رداؤه» يأتي تفسيره في باب الإحرام إن شاء الله تعالى‏.‏

«ينزعوه» بكسر الزاي‏.‏

«عادوا ثانياً وثالثاً» أي‏:‏ عوداً ثانياً وثالثاً، صفة لمصدر محذوف‏.‏

«ويخرج رحله» قال الجوهري‏:‏ الرحل‏:‏ مسكن الرجل، وما يستصحبه من الأثاث‏.‏

«حوالينا» قال القاضي عياض‏:‏ أي‏:‏ أنزله حول المدينة حيث مواضع النبات، لا علينا في المدينة، ولا في غيرها من المباني والمساكن، يقال‏:‏ هم حَوْلَه وحواليه وحَوْلَيه وحَوالَه‏.‏

«على الظرب والآكام»‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ الضِّرب، جمع ظَرِب‏.‏ قال الجوهري‏:‏ الظرب، بكسر الراء، واحد الظراب، وهي الروابي الصغار‏.‏ وقال مالك‏:‏ الظرب‏:‏ الجبيل المنبسط‏.‏

«والآكام» بفتح الهمزة ويليها مدة على وزن آصال، وبكسر الهمزة بغير مد على وزن جبال، فالأول‏:‏ جمع أكم، ككتب، وأكم‏:‏ جمع إكام، كجبال، وإكام جمع أكم، كجبل، وأكم‏:‏ واحده أكمة، هكذا ذكره الجوهري‏.‏ فالأكمة‏:‏ مفرد، جُمِعَ أربع مرات، أكمة، ثم أكَمْ بفتح الهمزة والكاف، ثم إكام كجبال، ثم أكُم كعُنُق، ثم آكام كآصال‏.‏ قال القاضي عياض‏:‏ وهو ما غلظ من الأرض، ولم يبلغ أن يكون جبلاً، وكان أكثر ارتفاعاً مما حوله، كالتلول ونحوها، وقال مالك‏:‏ هي الجبال الصغار، وقال غيره‏:‏ وهو ما اجتمع من التراب، أكبر من الكذى، ودون الجبال‏.‏ وقال الخليل‏:‏ هي حجر واحد، وقيل‏:‏ هي فوق الرابية، ودون الجبل‏.‏

«الآية» هو منصوب بفعل مقدر، أي‏:‏ اقرأ الآية إلى آخرها، والله تعالى أعلم‏.‏